د.مظهر محمد صالح
في العام 1930 عندما كان العالم يعاني من هجومات داكنة وموجات سالبة من التشاؤم الاقتصادي جراء الكساد العظيم،خرج علينا عالم الاقتصاد( جون ماينرد كينز) بمقالة متفائلة جاءت تحت عنوان:<الممكنات الاقتصادية […] في العام 1930 عندما كان العالم يعاني من هجومات داكنة وموجات سالبة من التشاؤم الاقتصادي جراء الكساد العظيم،خرج علينا عالم الاقتصاد( جون ماينرد كينز) بمقالة متفائلة جاءت تحت عنوان:<الممكنات الاقتصادية لأحفادنا>.إذ تصور( كينز) ان ثمة نقطة انقلاب ستكون في منتصف الطريق بين الكساد الاقتصادي وبين الثورة الاقتصادية، ما يجعل الأحفاد أغنياء بقدر عالي يفوق أبائهم، متنبأً، انه في العام 2030 سيشتغل العمال بنحو 15 ساعة في الأسبوع ليس الا وبمدخولات عالية. وبالرغم من ذلك فان الطريق هو ليس معبداً دائماً من دون ان تحف به المخاطر.وكانت مخاوف جون كينز هي ما اطلق عليها بالمرض الجديد او ما اسماه تحديداً (البطالة التكنولوجية).وان سبب ذلك يعود الى اكتشاف وسائل انتاج مقتصدة العمل بخطوات متسارعة تفوق الاستخدام الجديد للعمل نفسه.ففي العام 2013 نشرت جامعة اوكسفورد دراسة لكاتبين تحت عنوان:مستقبل الإعمال واتمتة الوظائف، إذ بين ( فيري و اوزبورن) مخاوفهما حينما وجدا ان 47 بالمئة من الاعمال في الولايات المتحدة هي حساسة للاستبدال بالآلة.اذ غدت الآلة مؤهلة أكثر من ذي قبل للقيام بالاعمال المعقدة مثل ترجمة النصوص وتشخيص الإمراض وأعمال المحاسبة وحل القضايا القانونية والوظائف المكتبية.في حين أصبح الإنسان الآلي قادراً على الإحلال محل الأعمال اليدوية التي مازالت حتى اللحظة تنُجز من جانب القوة البشرية المبدعة .كما وجد الكاتبان المذكوران آنفا ،ان نسبة العاملين الذين يخضعون لتهديد استبدال إعمالهم بالآلات في البلدان ذات الأسواق الناشئة والنامية هو أكثر مما هو عليه الحال في البلدان الغنية.اذ تصل نسبتها في الهند الى 69 بالمئة وترتفع في الصين لتبلغ 77 بالمئة وتتعاظم في بلد فقير مثل اثيوبيا لتبلغ 85 بالمئة.و يعود ذلك الى عاملين،الأول ،هي نوعية الإعمال في تلك البلدان التي هي في الغالب منخفضة المهارة ،والأخر،فان وسائل الإنتاج الرأسمالية هي من الأنواع الضعيفة الكثافة وتعود الى أساليب إنتاج قديمة جدا مما يسهل إدخال الاتمتة العصرية لتحل محل العمل. وعلى الرغم مما تقدم،فان البلدان الغنية مازالت اشد مقاومة لربط الآلة بتسريح العاملين ومن ثم توليد بطالة تكنولوجية .ويعود السبب في ذلك الى البناء المؤسسي وتعقيداته .اذ يلحظ ان التفاعلات الاجتماعية الناجمة عن البطالة التكنولوجية عادة ما تتصدى لها المؤسسة القانونية من خلال ضغط التنظيم النقابي,في حين لاتمتلك البلدان الفقيرة ذلك المستوى من الدفاع ضد البطالة التكنولوجية الناجمة عن اتمتة الوظائف والإعمال.وعلى الرغم من ذلك، فمازال العديد يناقش الاتمتة وتفاعلها مع الاستخدام ولكن بالاتجاه الاخر.اذ يربط البعض بين تزايد استخدام الآلة وتزايد إجمالي الدخل ومن ثم تعاظم الطلب على السلع والخدمات مما يؤدي الى توليد فرص عمل جديدة تعوض الأعمال المستغنى عنها.وهو ما يطلق عليه كناية ب(تارد أي لوديت) يوم حطم عمال النسيج في القرن التاسع عشر آلات مصانعهم التي عُدت السبب في بطالتهم..!!
(*) المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء لعراقي
|