قادري عبد الله ضروان من يَعدّ المسؤوليةَ مَغْنَما، لا يستحق أن يحمل اسم الوطن على كتفيه ولا أن يتحدث بلسان الفقراء الذين جعل الله في عيونهم البركة وفي قلوبهم الصبر. المسؤولية أمانة وليست تذكرة للنهب أو جوازًا للعبث أو تصريحًا للمزايدة على آلام البسطاء. إن من يرى في المنصب طريقا للثراء، هو خائن قبل أن يُسمى فاسدًا خائنٌ لله الذي حمّله الأمانة، وخائنٌ للوطن الذي ائتمنه، وخائنٌ لدماء الشهداء الذين ارتقوا ليحيا الناس بكرامة وعدل. اليوم، لم يعد الفقراء يطلبون المستحيل، بل يطالبون بحقهم البسيط في حياةٍ كريمة في لقمةٍ شريفة، في دواءٍ غير منٍّ ولا ذل، في خدمةٍ عامةٍ لا تحتاج واسطة ولا رشوة. ومع ذلك، تسرق حقوقهم كل يوم في وضح النهار، تنهب ميزانياتهم تحت شعارات زائفة، وتحجب عنهم الخيرات التي هي من حقهم الأصيل لا منّة من أحد. وحين تتواصل بأحدهم. للاستفسار حول بعض الامور التي تتعلق ببعض المستفيدين من الفقراء والمستضعفين وذوي الحاجة الماسة يتجاهلون الرد وكأنهم اصبحوا يديرون سلطة البلاد والعباد ولا يعنيهم اي شيء اخر أولاء يعلمون بان هناك قيادة ربانية عادلة اوصت بمحاربة الفساد ودك ظهر الفاسدكائن من كان او يتجاهلون وصول مظلومية المستضعفين اليهم من يظنون انفسهم. لقد اصبحت المسؤولية في عقول بعض المنتفعين إلى مزادٍ علني، تباع فيه الضمائر وتشترى المواقف. صار المنصب عندهم مكسبًا تجاريًا، لا ميدانًا للتضحية، وأصبحت مكاتبهم منصّات للمحسوبية والابتزاز، لا ساحاتٍ لخدمة الناس. أيها المسؤول الذي نسي أن المنصب زائل، وأن الكرسي لا يدوم، تذكّر أن في كل لقمةٍ تسرق من أفواه المساكين دعوة مظلوم لا ترد، وفي كل دمعة طفلٍ جائع حسرة ستشهد عليك يوم العرض الأكبر. ألا تعلمو أن دماء الشهداء التي روت تراب هذا الوطن الطاهر لم تكن لتُسقى كي يثمر الفساد ويزدهر النفاق؟! لقد قاتلوا ليقيموا دولة العدالة والكرامة، لا إمبراطورية المنتفعين المسؤولية شرف لا يناله إلا من طهّر قلبه من الطمع، ونقّى يده من الحرام، وجعل من موقعه منبرًا لخدمة الناس لا جسراً للغنائم. إن أعظم وسامٍ يحمله المسؤول هو رضى الناس عنه، لا كثرة العقارات ولا الأرصدة ولا المظاهر الخادعة. نعم، الوطن اليوم بحاجة إلى مسؤولي الواجب لا مسؤولي المكاتب؛ إلى من يرى في كل فقيرٍ أمانة في عنقه، وفي كل مظلومٍ نداءً في ضميره. الوطن بحاجة إلى من يخاف الله سرّا وعلنًا، إلى من يبني لا من يسرق، إلى من يزرع الأمل في وجوه الناس لا الخذلان. وإلى كل فاسدٍيعبث بحقوق المستضعفين، نقولها بصوتٍ لا يخاف في الحق لومة لائم إن حقوق الفقراء ليست مائدةً لتقتسموها، ولا غنيمة لتتنازعوها، بل هي أمانة ستسألكم عنها الأرض قبل السماء. فليعلم الجميع أن الوطن لن ينهض ما لم تُقطع أيدي الفساد، وتُطهَّر المؤسسات من تجار المناصب، ويُعاد للوظيفة معناها النبيل، وللمسؤول مكانته كخادمٍ للناس لا سيدٍ عليهم. ومن يخون الأمانة اليوم فالتاريخ لن يرحمه، والناس لن تنساه، والله فوق الجميع رقيبٌ لا يغفل ولا ينام. فلتكن هذه الصرخة يقظة ضميرٍ لكل مسؤولٍ نسي نفسه، وتذكيرًا بأن شرف الخدمة أعظم من كل كنوز الأرض، وأن الله يمهل الفاسد، لكنه لا يهمله. |