د. حميد الطرفي أعلمُ تمام العلم أنَّ من يعمل يخطأْ وأن الثورة غير الدولة ولطالما أكلت الثورات قادتها ؛ بل حتى الأديان لم تسلم من ذلك فكثيراً ما انحرف اللاحقون عن السابقين أو السابقون عن المؤسسين من الأنبياء والأوصياء، وأعلمُ أيضاً أن المرء عندما يُخيّر بين الموت والحُمى يرضى بالثانية وإن كانت مؤلمة إذ لا بديل عن نظامنا هذا -حتى الآن على الأقل- إلا الأسوأ، وأعلمُ أنّ لكل دولةٍ رجال وبقاء الحال من المحال وتزكية النفوس أمر نهى عنه الحكيم المتعال، لكن ذلك كله لا يمنع من أن نعرض بعض الحكايات عن أمسنا ويومنا أمسنا في 2005 ويومنا في 2025 فما بينهما عشرون عاماً وهو جيل كامل عند بعض المختصين : – أمس كان المرشح يستحي أن يتحدث عن الأموال التي هيّأها أو صرفها لحملته الانتخابية ويستحي أن يهدي شيئاً من ذلك المال لوجيه أو وجيهة أو زعيم قبيلة أو ناشط مدني لأن ذلك في نظره خيانة وانحراف وفضيحة واستخفاف بعقول الناخبين، ولطالما كان من يستضيف المرشح ينفق من ماله الخاص لضيافة الحاضرين . – أمس كان معظم المرشحين معروفين بمعارضتهم للنظام السابق أو ذاقوا مرارة الظلم ، أو من ذوي الشهداء أو مهجرين أو مهاجرين ، ليس في سيرتهم ما يخدش النزاهة أو العفة، وما شذ عن هذه القاعدة إلا النزر اليسير سهواً وخطأً لا عمداً وعن سابق إصرار ممن أعدوا القوائم. – أمس حين رشح معظمهم لم يَدُرْ في خلدهم كم سيقبضون، وكم سيتقاضون من رواتب وكم سيتملكون من عقارات بعد الفوز ، بل الكثير منهم كانت تراوده أفكارٌ أخرى منها متى سيخطِفُ روحَه تنظيم القاعدة في بغداد أو في مثلث الموت في اللطيفية ، أو في مراكز المحافظات عبر المفخخات والعبوات الناسفة التي كانت في كل يوم وليلة تهلك الحرث والنسل ، يراودهم هل سيؤدون الأمانة وهل سينفعون شعبهم وهل سيوفون لدماء الشهداء الذين سبقوهم بالايمان؟ – أمس وفي مجلس من مجالس المحافظات ارتأى الموظفون في المجلس أن يشتروا بعض الفواكه ليضعوها على طاولة الأعضاء لطول الاجتماع الأسبوعي فرفض عدد من الأعضاء ذلك لأن الاجتماع كان يصور ويبث على التلفزيون وفي ذلك حرج أمام جمهورهم لأنه لا يتماشى مع مواساة الفقراء من أهلهم فتم رفض ذلك وتمت الاستجابة ، كان الكثير من المرشحين يرون المنصب تكليف لا تشريف ومغرماً لا مغنماً وقيادة لا سلطة. هذا والحديث ذو شجون ولا يصح إلا الصحيح ولو بعد حين والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل . |