محمد عبد الجبار الشبوط في الممالك الأوروبية خلال العصور الوسطى، كان الولاء يقوم إلى حد كبير على أساس الدين، وبخاصة الدين الذي يتبعه الملك أو الحاكم. كان معظم الناس خلال تلك الفترة يعتنقون المسيحية، وتحديداً الكاثوليكية في معظم أنحاء غرب ووسط أوروبا، والأرثوذكسية في الشرق الأوروبي. الكنيسة كانت لها قوة ونفوذ كبير، وغالباً ما كان الحكام يعتبرون أن سلطتهم مشتقة من الله، وهو ما يعرف بمبدأ «حق التفويض الالهي». كان الولاء للدين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالولاء للملك، حيث كان يُنظر إلى الفرد باعتباره «رعية» في مملكة معينة إذا شارك في الدين الرسمي للمملكة. فقد كان يُتوقع من الرعايا أن يعتنقوا دين الملك وأن يدعموا الكنيسة الرسمية. تعزيز الدين الرسمي أدّى أيضًا إلى صراعات دينية وحروب، خاصة عندما تظهر حركات دينية منشقة أو تنتشر أديان أخرى غير المسيحية. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مراتب ووظائف دينية تعتبر جزءًا هامًا من الهيكل السياسي للمملكة، حيث كان بعض رجال الدين يحملون ألقابًا نبيلة ولديهم سلطة سياسية وعسكرية. الكنيسة كان لها دور مهم في التعليم والشؤون اليومية للدولة، وكثيرا ما كانت تتدخل في الشؤون السياسية. بالمختصر، الدين كان يشكل الأساس الذي يُبنى عليه الولاء في الممالك الأوروبية خلال العصور الوسطى، والعلاقة بين الدين والحكم كانت متداخلة بشكل كبير. هذا التداخل بين السلطة السياسية والسلطة الدينية أدى إلى عدة نتائج وآثار سلبية، منها: 1. الحروب الدينية: تسبب الولاء الديني في نزاعات وحروب طائفية، كالحروب الصليبية وحروب الأديان في فرنسا. 2. الاضطهاد الديني: الأقليات الدينية غالبًا ما كانت تواجه الاضطهاد، كاليهود والمسيحيين الذين لا يتبعون النسخة الرسمية للمسيحية والمسلمين في الاندلس بعد عام ١٤٩٢ وانتهاء الحكم الإسلامي فيها حيث واجه المسلمون مرحلة صعبة تم خلالها فرض قيود وسياسات تمييزية ضدهم وذلك تحت حكم الملوك الكاثوليك فيرديناند وإيزابيلا. تم إجبار الكثير من المسلمين على التحول إلى المسيحية، وأولئك الذين اختاروا البقاء على دينهم تعرضوا للطرد أو الاضطهاد. إن الفترة التي تلت فقدان المسلمين للحكم في الأندلس كانت محفوفة بالتحديات الشديدة، بما في ذلك التهجير، مصادرة الأملاك، وفقدان الحرية الدينية والثقافية. 3. السيطرة الكنسية على السلطة: سيطرت الكنيسة على الأمراء واستغلت السلطة لتعزيز نفوذها، مما أدى إلى فساد وتناقضات أخلاقية. 4. المحاكمات الدينية: أجهزة مثل محاكم التفتيش كان لها الحق في تعذيب وإعدام الأشخاص المتهمين بالهرطقة أو الانحراف عن العقيدة الرسمية. 5. القمع الفكري: تعرض العلماء والمفكرون للرقابة والقمع إذا ما اعتبرت أفكارهم تهديدًا للتعاليم الدينية القائمة. 6. المزايا الكنسية: منحت الكنيسة والحكومة الأراضي والامتيازات لأفراد الكنيسة، مما رسخ الطبقية وعدم المساواة. 7. استخدام الدين كأداة للسيطرة: استغل الحكام الدين كوسيلة للسيطرة على الشعوب وتبرير حكمهم. هذه النتائج السلبية كانت لها تأثير عميق على المجتمع الأوروبي، حيث غذت الانقسامات الاجتماعية والسياسية وأعاقت التقدم العلمي والثقافي في بعض الأحيان. كما لعبت دورًا في تشكيل البيئة التي أدت في نهاية المطاف إلى الإصلاح الديني وتغيرات جذرية في البنية الأوروبية في القرون التالية. بعض الحركات «التكفيرية» الاسلامية، مثل داعش، استعادت هذه الصيغة الاوروبية القروسطية من افراد الدولة وحكمت بتكفير كل من لا يقول برؤيتها الدينية. هذه الرؤية عقبة في طريق بناء الدولة الحديثة في المجتمعات الاسلامية. الدولة الحضارية الحديثة التي ندعو الى اقامتها سوف تحترم الاديان بما فيها الاسلام لكنها لن تضع الدين شرطا للمواطنة المتساوية والمعاملة العادلة. |