عمر الجفال
رمى ضابط رفيع المستوى في محافظة الأنبار، في 14 كانون الأوّل، اللوم على القادة الأمنيّين في سقوط ناحية الوفاء جنوب غرب الرمادي، في يدّ عناصر تنظيم “داعش”. وسقطت الناحية في شكل متسارع في يدّ “داعش”، وسيطر التنظيم المتطرّف على القرى المحيطة بها، الأمر الذي زاد من الخوف في سقوط المحافظة بأكملها في يدّ التنظيم، خصوصاً وأنّه أخذ زمام المبادرة في التقدّم، واقترب في بعض المعارك من المجمّع الحكوميّ في وسط المحافظة، الذي يشكّل آخر معاقل الحكومة المحليّة وقوّات الشرطة في الأنبار. ووفقاً لرواية الضابط فإنّ “تنظيم “داعش” حشد ألف مقاتل للدخول إلى الناحيّة وطوّقها من كلّ الجهّات”. وقال الضابط، الذي رفض الإشارة إلى اسمه إنّ “المعارك استمرّت ثلاثة أيّام متواصلة، وتمكّنت القوّات الأمنيّة من قتل عدد من المسلّحين وجرحهم، غير أنّ القادة الأمنيّين لم يستجيبوا إلى نداءاتنا المتواصلة لطلب الدعم والإسناد، ممّا أدّى إلى سقوط الناحية”. ولن تبدو هذه الرواية غريبة عن الأحداث المستمرّة في الأنبار، فلطالما كان الحصار الذي فرضه عناصر “داعش” على الجنود العراقيّين في ثكناتهم العسكريّة، أو سقوط مدن بأكملها، نتيجة عدم تجاوب القادة الأمنيّين مع النداءات التي يطلقها الضبّاط والجنود المحاصرون من قبل التنظيم الإجرامي. وأشار الضابط في شرطة الأنبار إلى أنّ “القادة الأمنيّين مقصّرون”، موضحاً أنّ “الحكومتين المحلّية والمركزيّة تغضّان النظر عمّا يطلق من مناشدات، ولا يعرفون السبب”. ونتيجة تدهور الأوضاع الأمنيّة في الأنبار، سقطت خلال شهر كانون الأوّل حوالي 14 منطقة كانت تحت سيطرة الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر، في يدّ تنظيم “داعش”، وهي في أغلبها مناطق حيويّة، وتشكّل عصباً رئيساً لنقل المعدّات والإمدادات إلى الجنود في القواطع العسكريّة. وحذّر شيخ عشائر البونمر نعيم الكعود، في 15 كانون الأوّل، الحكومة العراقيّة من سقوط الأنبار في شكل كامل في يدّ “داعش”، إذا ما لم ترفد مقاتلي العشائر بالسلاح. وقال الكعود، الذي تقاتل عشيرته إلى جانب القوّات الأمنيّة، وقدّمت أكثر من 500 قتيل من أبنائها في المعارك، إنّ “المقاتلين لم يعد لديهم سلاح كافٍ أو ذخائر”. وأضاف “لن نستطيع الاستمرار في القتال وهذا حالنا”. ونفى رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، في 22 كانون الأوّل، أن يكون هناك تراجع للقوّات الأمنيّة في الأنبار، لكنّه شخّص وجود خلل في تسليح العشائر التي تقاتل إلى جانب الحكومة. وقال كرحوت إنّ “قادة (داعش) يهربون من الأنبار بسبب تقدّم الجيش وأبناء العشائر في القتال”. وأشار إلى استعادة ناحية الوفاء من تنظيم “داعش” بزهو، ملمّحاً إلى أنّ “زمام المبادرة عادت في يدّ القوّات الأمنيّة، بعدما استعادت خطوطاً رئيسيّة في التنقّل بين مدن المحافظة”. وفي شأن تسليح العشائر، ألمح كرحوت إلى “وجود تخوّف من قبل الحكومة المركزيّة في السابق من تسليح العشائر”، إلّا أنّه استدرك بالقول “وصلت كميّات من الأسلحة إلى أبناء العشائر وهي في أيديهم الآن”. لكنّ الأسلحة، وفقاً لكرحوت، لا تستطيع الصمود في وجه سلاح “داعش”، إذ أنّ الحكومة منحت كلّ مقاتل رشّاش كلاشنكوف مع 60 طلقة. وعلّق كرحوت قائلاً “لا تشكّل هذه الأسلحة شيئاً أمام دبّابات (داعش) ومدرّعاته”. وتابع رئيس مجلس محافظة الأنبار قائلاً إنّ “القوّات الأمنيّة لا يمكنها أن تتقدّم من دون غطاء جوّي عراقيّ أو دوليّ، والأنبار كلّها ساحة حرب”. وأضاف “لذلك، تتأخّر عمليّة تحرير المدن، وتأخذ القوّات الأمنيّة وضع الدفاع لأنّ سلاح طيران الجوّ لا يستطيع تغطية ساحات الحرب في شكل كامل”. وعدّد الخبير في شؤون الجماعات الإرهابيّة هشام الهاشمي، ثلاثة أسباب رئيسة لتراجع القوّات الأمنيّة في الأنبار. وقال الهاشمي إنّ “سيطرة (داعش) على كلّ الطرق الرئيسة أدّت إلى منع الدعم والتنقّل البريّ للقوّات الأمنيّة بحريّة”. وأشار إلى أنّ السبب الثاني هو “اقتصاد (داعش) في استعمال الذخيرة وضبط النار”. وخلص إلى أنّ اعتماد “داعش على تكتيك الجبهات المتعدّدة بمواجهات بشريّة محدودة، لكنّ متتابعة، مكّنه من السيطرة على 85٪ من الأنبار”. |