اريان صابر الداودي
اشترى متطلبات االمنزل ،وعاد يسير في الشارع بسترته الرثة ودشداشته المتهرئة ،ستون عاما قضاها في كد وتعب مضنِ وتدلاجه الوظيفي الذي استهلك ثلثي عمره ،وقف وهو يحمل بين يديه كيس الطلبات وعصاه التي يستند عليها كلما تعبت خطواته ،أرهقه السير كثيرا فجلس على دكة الرصيف فيما كانت حرارة الشمس تلفح وجهه الكالح وحبات العرق تتصبب فوق لحيته الكثة .اخرج منديله وبدأ يمسح به وجهه المتعرق ..الشعور بالعطش دفعه في ان يخرج محفظته ليبحث عن ثمن عبوة الماء ..طالعته صورة ابنه في غلاف المحفظة ..أطلق من صدره آهة حرى وهو يتذكر الانفجار الاخير الذي هز مدينته وراح ولده ضحية الانفجار .تمعن في داخل المحفظة وجدها خاوية ..المارة بعبرون الى الجهة الاخرى دون ان يثير انتباههم وضجيج أبواق السيارات بصك الاذان ..ران الى مسمع اصوات العصافير وهي تزقزق فوق الشجرة القريبة منه ..رفع راسه لينظر اليها ..جلب انتباهه صورة احد المرشحين للانتخابات .صورة باهتة لوحتها حرارة الشمس والرياح ..نهض من مكانه واقترب من الصورة وعيناه تنظران في تفاصيلها وتمتم بحرقة _رشحتك ياهذا للانتخابات وفرحتُ لك كثيرا عندما تسنمت مركزا مرموقا في الحكومة ..بالله عليك ايرضيك ان اكون بلا راتب تقاعدي وقد انهكتني المشاوير في دائرة التقاعد كل يوم ..متى تشعرون بالفقراء ؟..مر أحد الشبان بقربه وقد سمعه يتحدث مع الصورة ..قهقه الشاب وصاح هازئا _انت مجنون يارجل ..من يسمعك ؟! |