بقلم / محمد السوداني
لم تكن خسارة العراق أمام الجزائر في ختام دور المجموعات مجرد سقوط بثلاث نقاط، بل كانت ليلة مليئة بالتوتر والدراما والأخطاء التحكيمية والشرود الذهني الذي كلّف أسود الرافدين الكثير. ففي الدقيقة الثالثة فقط من بداية المباراة، تلقّى اللاعب العراقي حسين علي بطاقة حمراء مباشرة من الحكم القطري، في قرار أثار ردود فعل غاضبة، وسط قناعة جماهيرية واسعة بأن الحكم ومعه طاقم الـVAR فشلوا في ضبط إيقاع المواجهة منذ لحظاتها الأولى، فارتفعت حدة التوتر وانعكس ذلك على أداء المنتخبين طوال دقائق اللقاء. ورغم الظروف الصعبة، حاول المنتخب العراقي مقارعة نظيره الجزائري الذي استغل النقص العددي وفرض شخصيته، لينتزع نقاط المباراة الثلاث ويتصدر مجموعته برصيد سبع نقاط، فيما رافقه العراق إلى الدور ربع النهائي برصيد ست نقاط. وعلى الرغم من ضمان التأهل، فإن الطريقة التي خسر بها الفريق جعلت علامات القلق أكبر من مؤشرات الاطمئنان. بين التعلم من الخسارة… وخطر الانكسار المعنوي السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل سيستثمر العراق هذه الخسارة لتصحيح أخطائه قبل مواجهة المنتخب الأردني بطل المجموعة الثالثة؟ أم أن الهزيمة، وما رافقها من ضغط وارتباك، ستتحول إلى ضربة معنوية قد تؤثر على المستوى الفني والذهني في الأدوار الإقصائية؟ تاريخ المنتخب العراقي يقول إنه غالبًا ما يواجه صعوبات في إعادة ترتيب أوراقه بسرعة بعد هزائم مفاجئة، وقد ظهرت هذه المشكلة جليًا في مباراة الجزائر. فالأهداف التي تلقاها المنتخب، وغياب التركيز في اللحظات الحاسمة، وسوء التمركز الدفاعي، كلها دلائل على شرود ذهني واضح لا بد من معالجته فورًا. لكن الجانب الإيجابي أن الخسارة جاءت في مرحلة يمكن إصلاحها، وليست في مباراة لا تقبل التعويض. وهذا يمنح الجهاز الفني فرصة لإعادة ضبط الإيقاع وتحليل الأخطاء بواقعية، خصوصًا ما يتعلق بالتمركز، والانتقال من الدفاع للهجوم، وإدارة الضغط تحت النقص العددي. الأردن… اختبار صلابة قبل أن يكون اختباراً فنياً المنتخب الأردني، بطل مجموعته، ليس خصمًا سهلاً. وهو فريق يملك شخصية قوية في المواجهات الحاسمة. لذلك تصبح مباراة ربع النهائي امتحانًا حقيقيًا لـ شخصية المنتخب العراقي قبل فنياته. هل يستطيع اللاعبون تجاوز تأثير الخسارة؟ هل يدخلون بثقة لا تُربكها أحداث الجزائر؟ هل يثبت الفريق أنه تعلم الدرس وأنه قادر على الارتقاء عندما تشتد المنافسة؟ البطولات الكبرى لا يواصل طريقها إلا من يعرف كيف يحوِّل الكبوات إلى قوة دفع، والتحديات إلى دوافع إضافية. والعراق يملك الإمكانيات، لكنه يحتاج إلى ثبات ذهني وتركيز كامل لتعويض ما حدث أمام الجزائر. ختاماً ، إن الخسارة من الجزائر جاءت في توقيت حسّاس لا يحتمل أي اهتزاز، لكنها في الوقت نفسه قد تكون جرس إنذار ضروري قبل دخول مرحلة الإقصاء المباشر. إذا تعامل المنتخب مع الهزيمة كدرس، فقد تكون نقطة انطلاق جديدة. أما إذا ترك آثارها تسيطر عليه، فقد تتحول إلى بداية التراجع في مرحلة لا ترحم الأخطاء. الربع النهائي هو فرصة لتصحيح المسار… وإثبات أن العراق أكبر من أن تهزه خسارة، حتى وإن جاءت بأكثر الطرق درامية. |