اللواء الدكتور عدي سمير حليم الحساني تسعى الدول كافة للمحافظة على النظام العام كونه احد اهم الركائز الاساسية للتعافي المجتمعي والبناء السليم للكيان الاجتماعي من خلال الموازنة ما بين ما هو مُباح قانوناً وادبياً واجتماعياً وما بين ما يمنعه القانون وترفضه التقاليد والاعراف. وان اي خلل في ذلك قد يؤدي الى انهيار في المنظومة الاجتماعية تاركةً اثاراً سلبية تنعكس بشكل او بأخر على الرصانة الاجتماعية وبالتالي قد تُربك المشهد وتؤدي الى الأضرار بعملية الضبط العام وعناصره الاساسية وهي الامن والصحة والسكينة والآداب العامة.ونحاول اليوم ان نُسلط الضوء على موضوع الآداب العامة والتي في حقيقتها نقطة اساسية لبناء اجتماعي متكامل وفق ما نصت عليه القوانين والانظمة والاعراف والتقاليد السائدة في البلد وبما لا يتقاطع مع الحريات الشخصية التي كفلها الدستور العراقي لاسيما ما جاء في المواد (38) و(40) و(41) منه. وما نحاول تركيز الضوء عليه هو الحرية والتي قيدها الدستور بعبارة (بما لا يخل بالنظام العام والآداب) اي اننا أصبحنا امام سد منيع لأي تصرف يخل بالنظام والآداب العامة ومسؤولية الحفاظ عليها واجب وطني واجتماعي واخلاقي لبناء قاعدة قوية يمكن من خلالها الانطلاق نحو أنبل هدف وهو المحافظة على الذوق العام. فاليوم نمر بمرحلة خطرة جداً في واحدة من أبشع انواع الانحرافات الاخلاقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي من الصعب السيطرة عليها لسببين اساسين اولهما كونه فضاء مفتوح والثاني الخصوصية للصفحات الشخصية ومنها الوهمية، والتي تحاول نشر الفاحشة والرذيلة وزعزعة ما استقرت علية التقاليد المجتمعية وبناء عادات جديدة وفق رؤى منحرفة. فهناك العديد من الصفحات العامة تحمل الفاحشة بعناوينها وصفحات شخصية تتحدى الذوق العام لتنشر اجساداً عارية ومفاصل جسدية دقيقة وخاصة جداً لكلا الجنسين من اجل الاثارة الجنسية لرواد هذه المواقع والتي حتماً ستؤدي الى كسب أكبر عدد من المتابعين وبمختلف الفئات العمرية، حيث اباحت الممنوع والمحظور واصبح كُل شيء مباح لهم وبمتناول ايديهم بمجرد ضغطة زر واحدة. والمشكلة هنا لا تتوقف عند هذا الحد وانما ما هو وراء ذلك، فهناك عدو خفي يعمل على تأسيس افكاراً هدامة ومنحرفة من خلال تنظيمات اجرامية تستهدف العقول والنفوس الشبابية، فما عمليات الاغتيال والسرقة والتسليب وترويج المخدرات الا عصابات نظمت صفوفها لتحقيق غاياتها التي وجدت من اجلها وبمساعدة حواضنهم التي تغلغلت تدريجياً في المجتمع وسارت على نهجهم لتجد طريقها الى النفوس البشرية التي تفتقر للحصانة الفكرية. فاليوم اصبح من اللازم التصدي لمثل هذه الافعال وان نضع حداً لها لأننا اصبحنا امام مفترق طرق فأما تركهم والسماح لهم بتخريب الفكر الشبابي او التصدي لهم واجتثاثهم من المجتمع وبما يضمن المحافظة على النسيج الاجتماعي والفكري ضمن ما رسمه الاطار العام وشق طريقه بين الاجيال وبما لا يؤثر على الحريات الشخصية والفكرية المعتدلة.
|