منهل عبد الأمير المرشدي يحكى ان أحد السلاطين كان لديه حمار ابيض يعتز به ويوليه اهتماما خاصا ورعاية لم ينلها منه أقرب المقربين اليه بما فيهم صديقه وولي عهده وكأنه ارتضاه صديقا حميما الى معاليه يرافقه في كل مكان وزمان معززا مكرما مدللا معلوفا بأرقى انواع الجت والبرسيم ومن أرقى المناشيء العالمية والمصادق عليها بشهادات دولية. لقد شاع صيت تلك العلاقة الحميمة بين الحمار وفخامة السلطان في اوساط الناس وأمست حديث الجميع وموضوعا للبحث والدراسة والتحليل حيث ترصد لها اموالا طائلة من خزينة الدولة بغية الوصول الى سر تلك العلاقة بين فخامة السلطان القائد ومعالي الحمار الأبيض ولكن من دون جدوى. كان ولي العهد أخو السلطان متضايقا منزعجا من تلك العلاقة التي فضلت الحمار عليه عند اخيه السلطان فأتفق مع حارسه الشخصي على اطعامه نوع من انواع السم البطئ حتى يموت. بدأ الجميع يلاحظ ان الحمار يبدوا مريضا في غير عادته فقالوا انه مصابا بـ»الكورونا» رغم انه حمارا وليس إنساناً، ولم يمهله الداء طويلا فمات الحمار وهو يرمق صاحبه السلطان بعين الحبيب الراحل بلا وداع رغم ما احضره اليه من فرق طبية رئاسية تسارعت لنجدته من جميع انحاء العالم. سادت اجواء الحزن قصر السلطان وجميع انحاء السلطنة حيث بدت معالم الحداد على الجميع حتى أن اوان تشييع معالي الحمار المدلل الى مثواه الأخير فهبّ ابناء شعب السلطنة الأوفياء عن بكرة ابيهم وامهم وخالهم وعمهم وجدهم كبيرهم وصغيرهم شيبا وشبانا صغارا كبارا نساء ورجالا يتقدمهم كافة التجار والوزراء والقضاة وكبار المسؤولين للمشاركة في مسيرة التشييع المهيب لمعالي الحمار الفقيد كسبا لرضا فخامة السلطان القائد والتقرب اليه ومشاركته الوجدانية في حزنه ومصابه الجلل خصوصا وانه لم يكن لديه ولد ولا تلد سوى حماره الذي كان قد انعم عليه بقرار سلطاني جعله كبير الأحمرة والحمار الأول دون منازع بدرجة وزير. قرر السلطان ان يكون هناك نصب تذكاري رئاسي كبير للفقيد الحمار في قلب المدينة.. بعد مرور شهر واحد بدأت آثار الصدمة تأخذ مأخذها على فخامة السلطان الحزين على صديقه حماره المدلل ابو صفنة حلوة فانتابته الكآبة وانزوى بعيدا عن البلاط والمجتمع جالسا قبالة تمثال صديقه المأسوف على صفنته حيث لا يمكن سد ذلك الفراغ الا بقدرة قادر او ثورة ثائر. حتى فوجئ الجميع بخبر موت السلطان اثر اصابته بنوبة قلبية. لقد كان خبر وفاة السلطان مفرحا لولي العهد حيث ضرب كل العصافير بذات الحجر لكنه تفاجئ عند تشييع جنازته ان اعداد المشيعيين قليل جدا ولا تقارن بمليونية التشييع لمعالي الحمار. فهم الرسالة جيدا وتم دفن السلطان وعاد ولي العهد ليضع اكليلا رئاسيا من الورد على نصب الحمار ويصدر قرارا بتغيير اسم السلطنة الى سلطنة الحمار. |