لم يكن بالحسبان رد الفعل الهستيري المتهستر، الانفعالي المنفعل، الفوضوي الأرعن لترامب حيث صرح أوّل ما صرح بأنه سيفرض عقوبات اقتصادية على العراق لم يشهد لها التأريخ مثيلاً، بل ستكون حتى اجراءات العقوبات على ايران صغيرة ازائها. 

بداية لا بد أن نشير الى ردة الفعل المقصودة واللا مقصودة والسهلة والصعبة والغبية والذكية والعفوية والمؤدلجة والطبيعية والممنهجة، فهناك اصوات تعالت وترادفت وتناطحت وساوت وتساومت تحذيراً وانذاراً من حصار قادم وجوع كافر وخبز من النوى والتراب، فنقول لكل تلك الأصوات إن العقوبات الاقتصادية الأممية او الحصار الاقتصادي الذي يعرفه العراقيون لسنوات التسعينات من القرن الماضي إثر غزو الكويت من الجيش العراقي وخروجه منها كان بقرار من الأمم المتحدة وبتصويت مجلس الأمن استناداً للفصل السابع من الميثاق وبما انه استناداً للفصل السابع هذا يجعل جميع الدول ملزمة بتنفيذ هذا القرار ولا تملك اي دولة الحق في عدم الانصياع لهذا القرار استناداً للمادة ٢٥ من الميثاق. ترامب يتوعد بعقوبات (إن نفذها) فهي عقوبات تسمى احادية الجانب وتلزم الدولة التي اعلنتها فقط اي تمتنع بإرادتها من التعامل اقتصاديا مع العراق ويقينا قد تؤثر على بعض حلفاءها في ان يضيقوا على العراق لكنها لا تلزم قانونا اي دولة بالمجتمع الدولي ان كانت متقدمة او نامية، علماً إن العراق اليوم يعد نقطة جذب عالية جدا اقتصاديا. ثمة شيء آخر يتعلق بما ذكره ترامب بإن العراق ملزم بالتعويض مليارات الدولارات عن بناء أكبر قاعدة جوية اذا اصر العراق على اخراج القوات الامريكية (بطريقة غير ودية) وهذا ما تنسفه الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من الاتفاقية المذكورة والتي جاء بها نصا (تتحمل الولايات المتحدة كل تكاليف البناء أو أعمال التحوير أو التطوير في المنشآت والمساحات المتفق عليها المخصصة لاستخدامها الحصري). أخيرا وليس آخرا نقول لمن زايد وعربد وصوت وصاح وصرخ من هنا وهناك وفي هذه الساحة او ذاك الرصيف او تلك القناة نقول لهم جميعا اطمأنوا فهذا الخلط والخبط والسلط والملط غير صحيح اطلاقا، فلا تذهبوا بعيدا بالخوف ولا تنساقوا مع أول ورقة ضغط امريكية وانظروا وتنظروا وراقبوا وترقبوا ما صرحت به موسكو وبكين ودول اوربا وماليزيا وجنوب افريقيا وكوريا وثلثي العالم، فقد كان دم الشهداء الأبرار كاف كل الكفاية ليغسل وجوه ترامب ومن معه ومن خلفه وبين يدية بماء الوحل والهزيمة والبؤس فأصبروا وصابروا إن حبال السياسة اطول من كل طويل فضلا عن ان ترامب حذف تصريحاته وكأن شيئا لم يكن!