عامر الساعدي
الفكرة حين تتوالد في العقل تنطلق بسرعة كالبرق ، هكذا هي الكلمة والمفردة تذهب مباشرة من فم الشاعر إلى الورقة دون استئذان ، فعملية الكتابة عملية انفعالية، ترابطية كصلة الرحم العميقة ، اما الشاعر فهو الصانع والقادر على خلق الدهشة للمتلقي في عملية التوظيف للنص ، لو قلنا أن عملية الكتابة عملية تفاعلية وفعلية فهي تدوين الفعل قبل وقوعة ، أو بعد وقوعة ، حدث أني ومستقبلي للحدث ، “ عامل الحقيقة والخيال “. هنا لابد للقول ان الشاعر وحدة من يتحكم بماهية النص ، أو استعمال أدواته الشعرية التي يمتلكها ، واستعمال خزينه من المفردات . اما العملية الروحية هي عملية حب وعشق النص للشاعر والمتلقي سوا ، لايخفي عن الجميع هنا دور الشاعر بكيفية جعل المتلقي يتفاعل مع النص تفاعل روحي ، هذا دليل قاطع على أن الشاعر لديه تراكمات وادوات كما قلنا سابقا. النص الحداثوي اخذ دوره في نفس المتلقي من حيث سهولة التوظيف ، وسهولة الصياغة شرط عدم الاقحام ، أو عدم الذهاب به إلى متاهاتٍ مظلمة . كذلك عتبة النص “ العنوان” هو مفتاح النص الذي يشد المتلقي كي يكمل النهاية كما البداية بسبب تأثير العنوان على مسامعه ، اذ أن تأثير العنوان بالمتلقي قد يأخذ تاويل آخر لديه ، اذن للمتلقي كما للناقد أحقية الرؤية للنص وتأويل النص بالرؤى التي يراها مناسبة من جوانب مختلفة ، نفهم من هذا الامر أن التأويل مفتوح ولا يقتصر على احد معين . لكن يبقى شيء مميز إلا وهو بلوغ النص ومطابقته من الناحية الشعرية ونضوجه “ موسيقى الايقاع الداخلي للنص ، أو الجرس الموسيقي” فهذان سببان رئيسيان للنجاح والتفوق . وهنا لابد من ذكر دور المراة العربية ودورها بالأدب حتى اصبحت شاعرة ، وناقدة ، وقاصة ، تنافس الرجل بحقل الابداع ، ولشعر المرأة العربية خصوصا خاصية معروفة لدى المتلقي وتصدرها لكثير من المبدعين ، هي ابراز النص بطريقة تليق بنا كمجتمع عربي شرقي ، لاننسى الدور الذي تلعبه المراة في النهوض بالادب العربي ، بما أنني أتعامل مع ديوان الشاعرة المغربية (امينة الوزاني)( على حافة الصمت) كمتلقي لي الحق في القراءة حسب ما هو مفهوم لدي . تقول في احد نصوصها ( هاهو الليل / يلفني / برداء الوحشة / من جديد / هاهو يحرقني ، لو توقفنا عن هذا الحد لوجدنا نداء وصيحة كي تبين شيء معين / فحرف الهاء ليس نطقته اعتباطا ولا سهوا ، انما جاء من تركيب الجملة الرئيسية لتبيان ماهو بين الكلمة التي تليها كانها توضح شيء اكبر الا وهو العتمة ، فاليل عتمة والعتمة ماهي الا وحشة كبيرة ، اذ ان الوحشة تحرق الذات للانسان دون ان تترك اثرا معين لكن الاثر داخلي ، لو توقفنا قليلا بالنداء الاخير ، هاهو يحرقني ، هنا العملية اصبحت عملية تأكيد . الادب العربي السامي الحقيقي باقي يترك الاثر بالنفوس مهما اكل الزمن منه ، والجمالية لاتنتهي ابدا ، بل تتجدد . وقفة أخرى في الديوان مرة اخرى مع الشاعرة الفاضلة ( أمينة الوزاني )وتوقف لابد منه في بعض السطور ذات معنى مختلف وتلاعب بالمفردة الجميلة وصياغتها بصورة اجمل. تقول (نفسي ثوري / مزقي الشرنقة / أقلعي الجذور ) الثورة والقوة ، والكبرياء والعظمة لدى المراة الشرقية خاصة جعلها تقول ثوري ، مزقي الشرنقة ، ماهي الثورة ، ومن هي الشرنقة ، لابد للحديث عدة تاويلات بهذا الامر ، الثورة هنا قد تكون ثورة الظلم للمراة من قبل المجتمع الذي لازال فيه بقية تؤمن بأن المراة هي وسيلة له فقط لا اكثر ، مزقي الشرنقة ، الشرنقة التي يريد لها ان تبقى بها للابد دون التحرك ، أو التطور الحياتي والاجتماعي الغيرة لدى الرجل الشرقي ملازمة له من زمن بعيد ، فأنها تطلب بنداء واحد تمزيق تلك الشرنقة التي تحيط بها ( أعلقي الجذور) أي جذور تقصد ، جذور الشجر ، ام جذور الخوف التي تحيط بها بسبب التقاليد الجاهلية ، لنأخذ الجانب الثاني اقرب للمعنى ، اقتلاع الجذور ماهو الا اقتلاع الخوف منها ، وكأنها بهذا العبارة تحفز على القوة والشجاعة ، فعلا لابد من مرشد لهذا الوضع الذي يحتكر به الرجل السلطة ولايريد للجنس اللطيف التحرر من عبوديته ، انتهى زمن السلاطين والجواري والنخاسين ، وماهو الا زمن التقدم الفكري والعملي وهنا لايقتصر على جنس معين ، انما الافضلية لمن يقدم الافضل . لو اردنا الحديث عن الديوان بأكمله قد نحتاج الى عدة فصول ، ووقت كافي ، واوراق كثيرة للتدوين ، لكن اكتفي بهذه القراءة البسيطة لديوان ( على حافة الصمت) للشاعرة المغربية الاستاذة (أمينة الوزاني ) تلك الشاعرة التي تنثر الحرف بنكهة الحداثة ، تحياتي واحترامي لكِ اختنا الفاضلة ، وشكرا لاهدائي ديوانكِ الجميل.
|