يحاول الكثيرون حرف الحقائق وتزوير الحدث وفقا لرغباتهم النابعة من التفكير الطائفي العدواني تجاه العراق، فمنذ لحظة الخلاص من الحقبة الصدامية المقيتة اندلعت الحرب الطائفية ضد العراق خصوصا من محيطه العربي حيث برزت المواقف الطائفية للعرب بشقيهم الرسمي والشعبي وان كانت بنسب متفاوتة وعد بعضهم التغيير في العراق خروجا من المنظومة السنية العربية وهو ما لا يتصوره العرب، وهذه النظرة القاصرة فاقمت من الاحداث واصبحت كل المواقف العربية توضع في هذا الميزان رغم المحاولات العراقية الكثيرة لتفسير الموقف، ومن ثم ادى ذلك الى تبني مواقف تحريضية لبعض من سنة العراق ضد المتغير الجديد وتحت ذرائع شتى من اجل تأزيم الموقف اكثر، فكانت معزوفة المظلومية والتهميش التي كانت ذريعة لصدام مسلح في اكثر من جانب واكثر من موقع، الامر الذي افرز في النهاية موقفا اتخذ صورة صراع سني شيعي والذي انتج مواقف طائفية عربية لنصرة جهة على اخرى، ما ادى في النهاية الى تأجيج الموقف وخروج مدن عدة عن سيطرة الحكومة.
التدخل العربي هذا اخذ اشكالا عدة ومن ضمنها مساندة جميع قوى التطرف ضد المتغير العراقي الجديد الذي يعد متغير لا يتناسب والنسق السياسي والمذهبي العربي فكانت التنظيمات هي الاذرع العربية لهذا الصراع وكان آخر تلك الاذرع داعش ومن على شاكلتها، وكلما حاول العراق التخلص من ذلك تناخى العرب وزاد صراخهم على ادعاءات ومزاعم حول ابادة شيعية للسنة، فيتجحفل الاعلام العربي ومعه الدبلوماسية العربية وممن يساندها من ضعاف النفوس في العراق لتأجيج الموقف وتصوير الامر على انه تصفيات وثأر ولم يقل احد منهم ان وجود داعش في العراق هو النشاز بعينه.
هل يمكن تصور ان داعش يخرج من العراق بالطرق الاعتيادية، ام ان الامر يتطلب حربا ضروس ضد هذا الكائن الغريب والذي لا يمكن القول انه تنظيم بل هو ببساطة مجموعة دول تحارب على ارض العراق لتقتل العراقيين بدم بارد؟.
الوسائل الاعلامية والدبلوماسية العربية تريد حربا لا يجرح ولا يموت فيها احد، ولا ندري اين وجد هذا العقل مثل هذه الحروب، فلا يمكن تصور وجود حرب نظيفة تدور رحاها في المدن وشوارعها وازقتها ضد تنظيم لغّم واستباح كل شيء.
الحروب فيها الموت وفيها التضحيات ولا يمكن تحويل مسارها وتحريفها عن حقيقتها لمجرد موت شخص مدني فيها، رغم اننا مع الحذر الكبير في تجنب اي خسائر يمكن تجنبها، ولكن لا يمكن لعاقل ان يتصور انها حرب نظيفة بالكامل، فلا وجود لمثل هذا حتى في الخيال العلمي. من يريد تحرير مدنه واعادتها الى سلطة الدولة عليه ان يتوقع كل شيء، ولكن ما زال العرب بدبلوماسيتهم واعلامهم يصورون كل الامور عكس حقيقتها واظهار الامر بأنه انتقام شيعي ضد السنة، لا لشيء سوى لأن نهاية داعش هي نهاية مخططاتهم، لهذا ليس مستغربا صراخ الدبلوماسيبة السعودية او صراخ مشايخ الازهر الذين لم يقولوا كلمة واحدة بحق داعش الارهابي. المهم في نهاية الامر ان هذا الصراخ معزوفة طائفية بامتياز، وهذا معروف والاهم من كل هذا ان تستمر مسيرة القضاء على داعش وهو ما سيلجم الافواه ليكون نهاية داعش من كامل الارض العراقية، وللذين يبحثون عن الحرب النظيفة نقول ان هذا امر محال وان استطعتم ان تأتونا بمثال وفق ذات الظروف فاخبرونا يا اصحاب المشروع الطائفي.