السوداني يوجه بقياس الأثر المالي للإجراءات الإصلاحية بترشيد الإنفاق وتعظيم الإيرادات AlmustakbalPaper.net وزير الداخلية يعلن التعاقد لتوريد رادارات حديثة وقرب انجاز الاشارات الذكية في بغداد AlmustakbalPaper.net رئيسا مجلس القضاء والوقف السني يناقشـان الإجـراءات القانونية الخـاصة بالدعاوى المعروضة على المحاكم AlmustakbalPaper.net هيئة الحشد الشعبي: سنباشر بإجراءات التسكين الوظيفي لمنتسبينا AlmustakbalPaper.net مالية الإقليم: إيداع 120 مليار دينار من الإيرادات غير النفطية بحساب المالية الاتحادية AlmustakbalPaper.net
معنى حكم الأغلبية في الديمقراطية التمثيلية
معنى حكم الأغلبية في الديمقراطية التمثيلية
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
محمد عبد الجبار الشبوط
تُعرَّف الديمقراطية في الخطاب السياسي الشائع بوصفها «حكم الشعب»، غير أنّ هذا التعريف، على بساطته الظاهرية، يخفي وراءه بنية سياسية أكثر تعقيداً، خاصة في إطار الديمقراطية التمثيلية الحديثة، حيث لا يمارس الشعب الحكم مباشرة، بل يُمارَس الحكم باسمه، وعبر آليات إجرائية محددة، تتصدرها قاعدة حكم الأغلبية. من هنا يصبح من الضروري التمييز بين المعنى الرمزي لمقولة حكم الشعب، والمعنى الواقعي لممارسة السلطة في الأنظمة الديمقراطية القائمة.
في الديمقراطية التمثيلية، لا يحكم الشعب بوصفه كلاً متجانساً، بل تبدأ العملية السياسية من فئة محددة منه هي فئة الناخبين، أي أولئك الذين يملكون حق التصويت ويمارسونه فعلياً. هذه الفئة، مهما اتسعت، لا تمثل الشعب بأسره، إذ يُستبعد منها بحكم القانون أو الواقع الاجتماعي عدد من المواطنين، كما يُستبعد منها عملياً من يختار العزوف عن المشاركة. بذلك تكون أول حلقة في سلسلة «حكم الأغلبية» قائمة على تمثيل جزئي للشعب، لا على حضوره الكامل في الفعل السياسي.
ثم تنتقل قاعدة الأغلبية إلى مستوى ثانٍ داخل جسم الناخبين أنفسهم، حيث لا تُعتَمد إرادة الجميع، بل تُرجَّح إرادة أكثرية عددية على حساب أقلية مخالفة. هذه اللحظة هي جوهر الآلية الديمقراطية، لكنها في الوقت نفسه تكشف حدودها، إذ إن القرار لا يصدر عن توافق عام، بل عن ترجيح كمي لا يحمل بالضرورة تفوقاً أخلاقياً أو معرفياً، وإنما يستند إلى قاعدة تنظيمية هدفها منع الشلل السياسي، لا تحقيق الحقيقة أو العدالة المطلقة.
في المرحلة التالية، تُترجَم أغلبية الناخبين إلى أغلبية تمثيلية داخل البرلمان، حيث يصبح النواب، لا المواطنون، هم الفاعل السياسي المباشر. وهنا تتسع المسافة بين الإرادة الشعبية والقرار السياسي، لأن التمثيل النيابي يقوم على التفويض لا على الالتزام الحرفي، ولأن النائب، بعد انتخابه، يتحرك ضمن توازنات حزبية وتحالفات سياسية قد تعيد تشكيل مواقفه بصورة لا تعكس دائماً خيارات ناخبيه الأصلية. وبهذا تنتقل الأغلبية من كونها تعبيراً عددياً عن اتجاه شعبي إلى كونها تركيباً سياسياً داخل مؤسسة تشريعية.
وتبلغ هذه السلسلة ذروتها حين تُسلَّم السلطة التنفيذية إلى عدد محدود من الأفراد، يتفق عليهم ممثلو الأغلبية البرلمانية، فيتحول حكم الأغلبية، في صورته النهائية، إلى حكم نخبة صغيرة تمارس القرار باسم الشعب، وبشرعية غير مباشرة. هذه النتيجة لا تمثل انحرافاً عن الديمقراطية التمثيلية، بل هي منطقها الداخلي، إذ إن الدولة الحديثة، بحكم تعقيدها واتساعها، لا يمكن أن تُدار إلا عبر تركيز السلطة التنفيذية في يد قلة منظمة.
غير أن الإشكال الفلسفي لا يكمن في هذا التركيز بحد ذاته، بل في طبيعة القيود التي تُفرض عليه. فالديمقراطية التمثيلية لا تمنح الأغلبية سلطة مطلقة، بل تفترض أن حكم الأغلبية مشروط بإطار دستوري يحمي الحقوق الأساسية، ويضمن وجود الأقلية، ويمنع تحويل التفوق العددي إلى أداة استبداد. من دون هذه الشروط، تنقلب الأغلبية من آلية تنظيمية إلى مصدر هيمنة، وتفقد الديمقراطية معناها بوصفها نظاماً لضبط السلطة لا مجرد وسيلة للاستحواذ عليها.
من هذا المنظور، يمكن القول إن حكم الأغلبية في الديمقراطية التمثيلية ليس تجسيداً مثالياً لإرادة الشعب، بل هو حل عملي لمعضلة الحكم في المجتمعات الكبيرة والمتنوعة. إنه نظام يعترف بعجز الشعب عن ممارسة السلطة مباشرة، فيستعيض عن ذلك بسلسلة من التفويضات المتدرجة، تبدأ بمشاركة جزئية، وتمر بتمثيل نيابي، وتنتهي بسلطة تنفيذية مركزة، مع بقاء الشرعية السياسية رهينة احترام الحدود الدستورية والحقوق العامة.
وعليه، فإن فهم الديمقراطية لا يكتمل عند تمجيد مبدأ الأغلبية، بل عند إدراك طابعه الإجرائي وحدوده البنيوية، والوعي بأن القيمة الحقيقية للنظام الديمقراطي لا تكمن في عدد من يحكم، بل في الكيفية التي يُقيَّد بها الحكم، ويُحمى فيها الإنسان، سواء كان ضمن الأغلبية أو خارجها.
رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=91583
عدد المشـاهدات 65   تاريخ الإضافـة 23/12/2025 - 09:42   آخـر تحديـث 23/12/2025 - 08:30   رقم المحتـوى 91583
محتـويات مشـابهة
محكمـة التمييـز تنجـز أكثـر مـن 70 ألف دعـوى خـلال عـام 2025
المحكمة الاتحادية العليا تصادق على نتائج الانتخابات
مكافحة الإرهاب يصدر توضيحاً بشأن ما نشر عن محاكمة أحد منتسبيه بالمحكمة العسكرية
مفوضية الانتخابات ترسل النتائج النهائية للمحكمة الاتحادية للمصادقة عليها
المفوضية: نتائج الانتخابات سترسل خلال اليومين المقبلين للمحكمة الاتحادية للمصادقة عليها

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا