محمد السوداني على وقع ترقّب الملايين لقرعة كأس العالم 2026، وجد الشارع الرياضي العراقي نفسه أمام موجة جدل واسعة بعدما أوقعت القرعة الفائز من الملحق العالمي بين العراق ومنتصر مواجهة بوليفيا وسورينام في المجموعة التاسعة إلى جانب فرنسا والسنغال والنرويج. وما إن أُعلنت تفاصيل القرعة حتى انطلقت موجة من التهويل والاستهجان والتنمّر تجاه المنتخب، وكأنّ حلم التأهل قد انتهى قبل أن تبدأ معركة الملحق. قبل الرد على هذه الموجة، ينبغي التذكير بأمرين واضحين: أولًا، العراق لم يتأهّل بعد، وما زال أمامه استحقاق مصيري في نيسان المقبل. ثانيًا، إنّ منتخبنا يمتلك قدرات كبيرة وإمكانات واضحة، عناصر شابة وطاقة فنية وبدنية تحتاج فقط إلى إيمان صادق ودعم جماهيري وتخطيط احترافي يليق بحلم انتظره العراقيون لأكثر من أربعين عامًا. كرة القدم لا تُدار بالأسماء ولا بتاريخ المشاركات، بل تُحسم داخل الملعب. هي لعبة العطاء والانضباط والروح القتالية والثقة بالنفس. وإذا كنا سنقارن أسماء فرنسا والسنغال والنرويج بأسمائنا على الورق فقط، فقد خسرنا قبل أن نلعب. لكن عندما نرى المنتخب بعين الطموح والإيمان، سندرك أنّ لا شيء مستحيل في كرة القدم، اللعبة التي أعطت الضعفاء فرصتهم لصناعة المعجزات. وحتى لو وجدنا أنفسنا في مجموعة صعبة، فالسؤال ليس: لماذا وقعنا هنا؟ بل: ما العمل؟ هل نستسلم؟ هل نُسقط حلمًا انتظرناه أربعة عقود من أجل تعليقات محبطة وتنمّر لا طائل منه؟ المنتخب، وهو يتجه نحو الملحق، يجب أن يذهب بعقلية المنتصر لا بعقلية الضحية. عقلية فريق يعرف أن المنافسة تُحسم في الميدان، لا في ردود الفعل ولا في التوقعات المسبقة. لاعبونا بحاجة إلى إعداد ذهني وفني وبدني متكامل، وإلى أن يدخلوا المواجهة بثقة من يريد كتابة التاريخ، لا من يخشى أدواره. أما الجمهور، فدوره حاسم. إن لم يكن الدعم ممكنًا، فليكن الصمت أقل ضررًا من جلد المنتخب. فجيل اللاعبين الحالي يحتاج إلى دَفع، لا إلى إحباط مبكّر. الطريق ليس سهلاً، لكنه لم يكن يومًا مستحيلًا. والعراق، الذي تجاوز أزمات أكبر، قادر على تجاوز خصم جديد عندما يمتلك الثقة والإعداد والرغبة الحقيقية في صنع الحلم. إنها اللحظة التي يجب أن يقف فيها الجميع خلف المنتخب: اتحادًا، وكادرًا فنيًا، ولاعبين، وجمهورًا. فالقرعة لا تهزم أحدًا… الذي يُهزم هو من يدخل المعركة بعقلية الضحية. والعراق… ليس من هذا النوع، ولن يكون. |