محمد السوداني بدأت ملامح النسخة الحالية من كأس العرب تكشف عن معادلة جديدة في المشهد الكروي العربي، عنوانها الأبرز: تفوّق منتخبات عرب آسيا على منتخبات عرب إفريقيا. نتيجة لا يمكن وصفها بالمصادفة، بل هي انعكاس لعمل فني واضح، وانضباط تكتيكي، ورغبة حقيقية في فرض الذات على أرض الملعب. اول أمس قدّم المنتخب السوري واحدة من أفضل مبارياته في البطولة بعدما تفوّق على منتخب تونس، مؤكدًا أنه حاضر للمنافسة وليس للمشاركة فقط. وفي اليوم نفسه، خطف المنتخب الفلسطيني القلوب قبل النقاط بعدما انتصر على منظم البطولة وصاحب الأرض والجمهور، في واحدة من أكبر مفاجآت البطولة وأكثرها دلالات فنية. ولم يختلف المشهد اليوم، إذ واصل عرب آسيا تألقهم بتفوّق المنتخب الكويتي على الفراعنة، في مواجهة أظهرت أن الانضباط والقتالية يمكنهما إسقاط الأسماء الكبيرة إذا غاب التركيز والاستعداد الحقيقي. وبعيدًا عن نتائج الفوز والخسارة، سجّل منتخب جزر القمر حضورًا مشرّفًا بأداء مميّز أمام أسود الأطلس المنتخب المغربي، ليقدّم مباراة شجاعة تعكس التطور اللافت الذي يعيشه المنتخب، رغم الفوارق الكبيرة بين الطرفين في الخبرة والجاهزية. هذه الصورة التي نراها اليوم تضع أكثر من علامة استفهام حول مستويات بعض المنتخبات الإفريقية المتأهلة إلى كأس العالم، والتي تظهر في هذه البطولة بأداء لا ينسجم إطلاقًا مع حجم طموحاتها ومكانتها القارية. فكيف لمنتخبات تستعد لتمثيل إفريقيا في المونديال أن تسقط أمام منتخبات غير متأهلة؟ وكيف تبرّر هذا التراجع الواضح في الهوية والأداء؟ كرة القدم لا تعترف بالأسماء أو العناوين، بل بالروح والإصرار والعطاء داخل الملعب. وإذا كانت منتخبات عرب إفريقيا تعاني، وحتى المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم تُظهر مستويات متواضعة، فإن الدرس واضح: لا شيء مستحيل، ولا اسم كبير يُرهب من يدخل المباراة بثقة وإرادة. وعلى منتخبنا الوطني العراقي أن يثق بنفسه، كمجموعة وكأفراد، وأن يلعب بروح الفريق الذي لا يخشى أي اسم أو تاريخ. فالمشهد الحالي يثبت أن الجميع قابل للهزيمة، وأن الطريق مفتوح أمام من يؤمن بقدراته. ولهذا، فإن مواجهة البحرين اليوم يجب أن تُحسم عراقيًا؛ حصد النقاط ضرورة، وهو هدف ممكن تمامًا إذا ما حضر المنتخب بثقة وشخصية وهوية واضحة. كأس العرب هذا العام أعادت رسم خارطة التفوق الكروي العربي، ووضعت منتخبات آسيا في الواجهة، بينما تركت المنتخبات الإفريقية أمام أسئلة صعبة… وإجابات لا يمكن الهروب منها قبل الموعد العالمي الأكبر. |