السوداني: مدينة الصحة أحد أضخم المشاريع بكلفة 500 مليون دولار AlmustakbalPaper.net المالية توافق على احتساب الخدمة المجانية للمحاضرين ضمن الخدمة التقاعدية AlmustakbalPaper.net السيد الصدر: نأمل أن ينعم إخوتنا بغزة هاشم بالكرامة وتصلهم المساعدات الإنسانية بأسرع وقت AlmustakbalPaper.net الأمن الوطني يعلن تفكيك خلايا البعث المحظور في 14 محافظة AlmustakbalPaper.net جهاز مكافحة الإرهاب: نمتلك مقاتلين مميزين والمركز الأول من استحقاقنا AlmustakbalPaper.net
العراق بين وفرةٍ مهدورة وعدالةٍ مُغيبة
العراق بين وفرةٍ مهدورة وعدالةٍ مُغيبة
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
طه حسن الأركوازي 
في التأريخ شواهد لا تُنسى على أن الدولة لا تُبنى بالثروة ولا بالأقوال ، بل بحكمة الإدارة الرشيدة والرؤية الصحيحة والأستراتيجية وعدالة القيادة ، ومن بين تلك الشواهد ، تبرز تجربتان خالدتان :
تجربة نبي الله يوسف ( ع ) ، وتجربة الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) الأولى في الاقتصاد ، والثانية في الحكم الرشيد ، وكلتاهما تمثلان مدرسة في الإدارة الرشيدة والقيادة الأخلاقية .
فحين تولى نبي الله يوسف ( ع ) إدارة مصر ، كانت البلاد تواجه أزمة أقتصادية خانقة وسنوات سبع عجاف تُهدد وجودها ، لكنه لم ينتظر الفرج ، بل صاغ خطة أستباقية بوعيٍ أقتصاديٍ نادر ، أستثمر فيها الموارد المتاحة ، ووزع الإنتاج بعقلية الموازنة بين الحاضر والمستقبل ، وحول سنوات العُسر إلى أختبارٍ ناجحٍ للدولة ، وقدرتها على الصمود فلم تكن المعجزة في الخروج من الأزمة ، بل في أن الإدارة الحكيمة التي جعلت من الأزمة فرصة لإعادة بناء منظومة الاقتصاد وفق أُسسٍ متينة .
ثم جاء الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) ليُقدم للعالم نموذجاً آخر ، لا يقل عظمةً عن تجربة نبي الله يوسف ( ع ) ، ولكن في ميدان العدالة السياسية والنزاهة المالية ، فعندما نُصب خليفة للمسلمين وقف أمام الناس قائلاً : “أتيتكم بجُلبابي هذا ، وثوبي هذا ، فإن خرجت بغيرهما فأنا خائن”.؟
تكن كلماتٍ للأستهلال ، بل ميثاقاً أخلاقياً للدولة العادلة ، ودعوة صريحة إلى الشفافية والمساءلة ، وإعلاناً واضحاً بأن الحكم ليس باباً للثراء كما نراه اليوم ، بل أمانة في عنق الحاكم ، فقد كان الإمام علي ( ع ) زاهداً في الدنيا ، صارماً في محاربة الفساد ، لا يساوم على الحق ، ولا يتساهل في المال العام ، فكتب بذلك سيرةً خالدة لا مثيل لها في تاريخ الحكم بعد الأنبياء .
وبين يوسف الذي أنقذ الدولة بالتخطيط ، وعلي الذي أقامها على العدالة ، يتجسد المعنى الحقيقي للقيادة ” رؤيةٌ تُنقذ الشعوب من الأزمات ، ونزاهةٌ تحميها من نفسها” ، فأين ساسة العراق من هذين النموذجين .؟
يمتلك العراق من الثروات والموارد ما لم تمتلكه مصرُ يُوسف ، ولا دولة الإمام علي ، ومع ذلك يرزح تحت أزماتٍ أقتصادية وإدارية خانقة ، لم تكن المشكلة يوماً في قلة الموارد ، بل في غياب الكفاءة والرؤية والتخطيط ، وفي ترسيخ ثقافة المحاصصة التي قدمت الولاء على الخبرة ، والصفقات على الإصلاح ، وهكذا ، تحولت الدولة إلى كيانٍ مُترهلٍ يستهلك ثروته دون أن ينتج ، ويعيد إنتاج أزماته جيلاً بعد جيل .
لقد عاش العراق زمن الوفرة النفطية ، لكنه لم يعرف يوماً الوفرة التنموية ، فالمال ظل يُدار بعشوائية ، والموازنات تُبنى على التقديرات لا على الخطط ، فيما تتراجع التعليم وتدهورت الزراعة والصناعة والصحة والسياحة والبنى التحتية لصالح إنفاقٍ أستهلاكي لايصنع دولة .
أما الفساد ، فقد تحول إلى منظومةٍ مُتجذرةٍ تتقاسمها القوى السياسية وكأنها إرثٌ شرعي لايُمس .
واليوم ، ومع هبوط أسعار النفط وتزايد الضغوط المالية ، يقف العراق أمام مُفترقٍ تاريخي حاسم :
إما أن ينتقل إلى إدارةٍ رشيدة تُعيد الاعتبار للتخطيط والكفاءة .؟
أو يستمر في الدوران داخل حلقة التبرير والتسويف حتى يستهلك ما تبقى من طاقته وثروته .؟
إنها لحظة أختبارٍ حقيقي للدولة لا يُقاس فيها النجاح بكم التصريحات والأقوال ، بل بقدرة قيادة وطنية حكيمة على أتخاذ قراراتٍ مؤلمةٍ ، وشجاعة تُعيد بناء الاقتصاد الوطني على أسسٍ واقعيةٍ ومستدامة .
إن الدرس الذي يقدمه نبي الله يوسف ( ع ) في الإدارة ، والإمام علي ( ع ) في العدالة ، هو أن الحكم الرشيد ليس معجزة ، بل منظومة أخلاقية وعملية تبدأ من الشفافية وتنتهي بالمساءلة ، فحين تُدار الموارد بعقلٍ نزيه ، تتحول الأزمات إلى فرص .
أما حين تُدار بعقلية الغنيمة فحتى الوفرة تصبح عبئاً على الدولة .
أخيراً وليس آخراً .. العراق اليوم بحاجة إلى وعيٍ سياسي يُعيد تعريف السلطة بوصفها تكليفاً لا تشريفاً ، وإلى قيادةٍ تتحلى بنزاهة “عليّ” ، وبُعد نظر “يُوسف” ، فزمن الوفرة الزائفة يقترب من نهايته ، وما ينتظر البلاد ليس عجزاً مالياً فقط ، بل أختباراً أخلاقياً وإدارياً حاسماً سيكشف من يعمل للوطن ومن يعمل لنفسه ، فالطبقة السياسية أن تدرك أن بقاءها مرهون بقدرتها على الإصلاح لا بالتحايل ، وأن الشعب الذي صبر طويلًا بدأ يُدرك أن الرفاه لا يُصنع بالشعارات ، بل بالعقول التي تؤمن بالوطن قبل الكرسي ،
وإن لم يتحقق الإصلاح اليوم بإرادة وطنية واعية ، فسيأتي الغد بتغييرٍ قسري لا يملك أحدٌ السيطرة على مساره ، وليتذكر الساسة اليوم ما فعله الإمام علي ( ع ) حين أعلن بصراحة تامة : “أتيتكم بجلبابي هذا وثوبي هذا…”،
مُعلناً أن السلطة أمانة قبل أن تكون أمتياز ، وأن الحكم الحقيقي يُقاس بالعدل والنزاهة والوفاء بالحق لا بالمناصب ولا بالمغانم والأرصده البنكية ، فكُل من يستولي على المال العام أو يغلق أبواب الشفافية ، يبتعد عن جوهر الرسالة التي جاء بها علي ( ع ) ، ويكتب لنفسه التاريخ بلا مجد ، تاركاً الوطن يدفع ثمن غياب الأمانة والكفاءة …!
رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=90523
عدد المشـاهدات 34   تاريخ الإضافـة 13/10/2025 - 09:31   آخـر تحديـث 13/10/2025 - 10:29   رقم المحتـوى 90523
محتـويات مشـابهة
الإعلان عن معرض دولي الأول من نوعه في العراق
الموانئ العراقية: 60 فرصة استثمارية في 5 قطاعات لمشروع طريق التنمية
الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق بين تطلعات الشعب وتحديات الواقع
السوداني المؤسسة الأمنية العراقية أثبتت قدرتها في أصعب الميادين
المندلاوي: البصرة بوابة العراق ورئته الاقتصادية

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا