محمد عبد الجبار الشبوط ورد اسم “العراق” في وثائق تاريخية قديمة، لكن استخدامه مرّ بتطورات: 1. في العصور السومرية والأكدية لم يكن اسم “العراق” مستخدمًا في النقوش السومرية أو الأكدية بالصيغة التي نعرفها اليوم، بل استخدمت تسميات مثل: • كي-إن-گي (Ki-en-gi): إشارة إلى أرض سومر. • أكّد: إشارة إلى الإمبراطورية الأكدية. • بلاد ما بين النهرين (Mesopotamia): وهي تسمية إغريقية لاحقة. لكن مع مرور الزمن، صار الاسم “إيراق” أو “عراق” يظهر في المدونات اللاحقة. 2. في العصر الفارسي والهلنستي المصادر الفارسية واليونانية-الهيلينية لم تستخدم كلمة “العراق”، بل ركزت على تسميات مثل بابل وآشور. 3. في العصر الساساني ظهر اسم “العراق” بوضوح عند الفرس الساسانيين، الذين أطلقوا على القسم الجنوبي من بلاد ما بين النهرين اسم “عراق عربي”، وعلى الهضبة الإيرانية اسم “عراق عجمي”. 4. في المصادر الإسلامية المبكرة منذ صدر الإسلام، شاع استخدام كلمة العراق للدلالة على الأراضي بين دجلة والفرات: • ورد في خطبة للإمام علي بن أبي طالب (ع): “يا أهل العراق”، وهذا في القرن السابع الميلادي. • استخدمه المؤرخون والجغرافيون المسلمون (كالطبري، والمسعودي، وياقوت الحموي) بكثرة للدلالة على منطقة واسعة تشمل البصرة والكوفة وبغداد وما حولها. 5. أصل التسمية اختلف الباحثون في أصل كلمة العراق وتطورها التاريخي: 1. الرأي اللغوي الجغرافي: يرى فريق من المؤرخين واللغويين أن كلمة العراق قديمة الجذور في العربية والفارسية، وكانت تُستخدم بمعنى الأرض المنخفضة القريبة من الماء أو سفح الجبل. وهذا الوصف يتناسب تمامًا مع السهل الرسوبي بين دجلة والفرات، الذي عُرف منذ القدم بـ أرض السواد لخصوبته وغزارة مياهه. 2. الرأي الحضاري (أوروك → عراق): يذهب باحثون آخرون إلى أن اسم العراق تطور من اسم مدينة أوروك (Uruk) السومرية، التي تُعدّ من أقدم مدن العالم (القرن الرابع قبل الميلاد وما بعده). وقد انتقل اسمها عبر اللغات القديمة بصيغ متعددة مثل أريخ أو إريخ، ثم تحوّر مع الزمن في التداول الفارسي والعربي ليُصبح “عِراق”. هذا الرأي يدعمه كون مدينة أوروك كانت مركزًا حضاريًا بارزًا في جنوب الرافدين، وهو ما جعل اسمها مرادفًا للمنطقة بأكملها. 3. الاستعمال التاريخي المبكر: مهما يكن أصل الكلمة، فإن أقدم ذكر مباشر لها نجده في العصر الساساني حيث أطلقوا على جنوب بلاد الرافدين اسم عراق عربي، وعلى الهضبة الإيرانية عراق عجمي. وبعد الفتح الإسلامي شاع الاسم أكثر، حتى ورد في الخطب والكتب التاريخية مثل خطبة الإمام علي (ع) وتاريخ الطبري، ليصبح “العراق” هو العنوان الراسخ لهذه الأرض منذ القرن السابع الميلادي كما مر في اعلاه. الخلاصة • “العراق” بالاسم الحديث لم يرد في وثائق سومر أو بابل مباشرة، لكن الجغرافيا واحدة. • أول استخدام واضح لاسم “العــــراق” تجده في العـــصر الساساني ثم شاع جدًا في العصر الإسلامي المبكر، وصار مصطلحًا جغرافيًا-سياسيًا راسخًا. |