د. نسيب حطيط تقترب الذكرى السنوية الثانية لعملية “طوفان الأقصى”، التي أحدثت زلزالاً في منطقة الشرق الأوسط ،ولا تزال حممه تحرق الكيانات والدول والقادة وحركات المقاومة، لصناعة شرق أوسط جديد، بدون حرب عالمية ثالثة، وبإنتظار رسم الحدود النهائية لدول المنطقة التي رسمتها اتفاقية “سايكس_بيكو” ، لتجزئة هذه الدول وتقسيمها بعناوين مذهبية وطائفية وقومية لا تمتلك القوة والإمكانيات وستبقى في صراع دائم مع جيرانها وستكون إمارات هشّة وضعيفة ،وفق ما قاله المبعوث الأمريكي “توماس برّاك”( بأن هذه المنطقة كانت قبائل وعشائر وأن الغرب هو من صنع الدول وهو الذي سيعود لإرجاعها إلى ما كانت عليه من عشائر وقبائل ومذاهب وطوائف. بدأت معركة طوفان الأقصى واستطاع التحالف الأمريكي_الإسرائيلي_العربي_التركي احتواءها وخوض معركة طوفان الشرق الأوسط لولادة إسرائيل الكبرى. إن الجدل والنقاش حول صوابية “طوفان الأقصى” أو الخطأ الذي ارتكبته حركة “حماس” لا يزال قائماً ولن ينتهي وصولاً إلى اتهام البعض لحماس بتوريط المحور أو الخطأ في تقدير الموقف أو القيام بعملية فوق قدراتها ،مما أوقعها في كمين إسرائيلي واستدرج محور المقاومة للمشاركة السريعة والمتفرّقة، وأصابه بضربات قاتلة. بعيداً عن الاتهامات، ،لا شك بأن المقاومين في غزة ،قاموا بعمل صادق ومخلص لا تشوبه أي تهمة سلبية، وإن ما تعرّضوا له من إخفاقات وخسائر وعدم تحقيق المكتسبات والإنجازات لا يتعلّق بالمقاومين فقط، بل لابد من نظرة واسعة حول الحرب التي خاضوها منفردين محاصرين، مقابل تحالف عالمي متوحش يملك القدرات العسكرية والمالية والإعلامية الهائلة والضخمة، ويمكن إظهار بعض أسباب الفشل: – عدم الدقة في تقدير الموقف ،لإعتقاد قادة المقاومة ،بإمكانية تنفيذ عملية أسر كبرى، لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وتحقيق بعض المكتسبات السياسية والأمنية وإبقاء العملية عملية موضعية ومحدودة ولم يستفيدوا من تجربة المقاومة اللبنانية في عملية “الأسيرين” التي أعقبها حرب 2006 . – إمكانية وقوع المقاومة في كمين استكباري ومعرفة العدو بالعملية واستدراجه للمقاومين،عبر غيابه وصمته الميداني وعدم المطاردة. – تفرّد (الجناح العسكري) بالقرار وعدم الشراكة مع محور المقاومة ، والجناح السياسي لحماس،مما فاجأ وأربك محور المقاومة واستدرجه إلى مشاركة ميدانية سريعة ،بدون تحضير واستعداد. – مشاركة أمريكا وتركيا وأكثر العرب في الحرب بشكل مباشر وتخلّي أغلب العرب والمسلمين، بأنظمتهم وشعوبهم وأحزابهم وجماعاتهم التكفيرية وإعلامهم عن نصرة غزة ،بل وتحميل المقاومة المسؤولية وتبرير الإرهاب الإسرائيلي ولم يبق مع غزة من المسلمين إلا “الشيعة”، وهذه نقطة الضوء الوحيدة التي أثبتت الوحدة الإسلامية وأكدت أن التحالف الأمريكي_الإسرائيلي ،عدوٌ للمقاومين سواء كانوا سنة أو شيعة أو علمانيين. – انقسام الموقف الفلسطيني، حيث ظهرت معركة غزة، أنها معركة حماس والجهاد ،معركة بعض الفلسطينيين وليس كل الشعب ، فالسلطة الفلسطينية غير مؤيدة للمعركة، وكذلك أغلب الفلسطينيين في الخارج كانوا خارج المشاركة والتضامن، حيث ظهرت مظاهرات أوروبية وأمريكية أكثر شراكة وتأييداً حتى من الفلسطينيين المقيمين في أوروبا وأمريكا! يمكن أن معركة طوفان الأقصى لم تحقق انتصارات مادية مع كل بطولاتها الأسطورية وإلحاقها خسائر كبيرة في الجيش والمجتمع الإسرائيلي الذي يقاتل لأول مرة طوال سنتين، واستطاع اليمن إغلاق البحر الأحمر، واستطاعت المقاومة اللبنانية التي كانت شريكاً ميدانياً كبيراً في معركة طوفان الأقصى ودفعت أثماناً كبيرة، مشاغلة الجيش الإسرائيلي ،لكن من عدم الإنصاف بأنها لم تحقق أي نتائج إيجابية ومنها : – أظهرت عجز الكيان عن حماية نفسه وحاجته الدائمة ،للمساعدة الأميركية والخارجية للبقاء. – قدرة حركات المقاومة على الصمود ،مما ينفي تبرير المستسلمين لعدم المواجهة . – ان الأطماع الإسرائيلية ،لاتنحصر في فلسطين ولبنان بل في كل العالم العربي والإسلامي . – كشف عورة تركيا والأخوان المسلمين والجماعات التكفيرية التي تنادي بنصرة أهل السنّة ضد الشيعة ،بينما خذلوا أهل السنة في غزة مع أنهم من رحم واحد هو الأخوان المسلمين! – ولادة جيل من أبناء الشهداء او الذين تدمّرت بيوتهم يحمل القضية لعقود قادمة ويمنع موتها. “طوفان الأقصى” خسارة معركة في حرب لم تنته ولن تنتهي …وحلقة من حلقات النكبة الفلسطينية عام 1948 …والمشاركون انفسهم من المتآمرين العرب والأعداء من امريكا وبريطانيا… لا بد من قيام حركة (مقاومة عربية _اسلامية شاملة…لمواجهة الإستعمار الأميركي الجديد والديانة الإبراهيمية الجديدة…فحركات المقاومة المنفردة ،لن تستطيع الصمود أمام الوحش الأميركي. لا تيأسوا…نحن قــــادرون على النهوض ثانيــــــة بإذن الله…لم تنته الحرب … |