الشمـري يوجه باستخدام الأجهـزة المتطـورة في عمـل مديرية المرور AlmustakbalPaper.net السوداني وبن زايد يشددان على ضرورة إيجاد مسار واضح للسلام الشامل والدائم في المنطقة AlmustakbalPaper.net صندوق تقاعد موظفي الدولة ينفي تعرض أمواله لمخاطر ويؤكد سلامة استثماراته AlmustakbalPaper.net الأمن الوطني يلقي القبض على شخص أساء للمقدسات الدينية AlmustakbalPaper.net استعداداً لانطلاقها.. المفوضية تعلن ضوابط الدعاية الانتخابية وعقوبات المخالفين لها AlmustakbalPaper.net
التفسير المدني للقرآن... وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم
التفسير المدني للقرآن... وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
الدكتور ليث شبر
﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾.
الرائع في التفسير المدني أنه يرشدك إلى دلالات ومعان هائلة في النص القرآني فهو يفتح الصندوق المغلق الذي سجنوك فيه لينقلك لعالم أرحب ..إنه ينقل النص من المحدود إلى اللامتناهي ويجعلك تشعر بأن مهمتك في هذه الحياة أكبر مما تتصور..
واليوم نقف عند سورة التين فمن يقرؤها لا بد أن يتوقف عند هذه الآية العظيمة: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾، فهي ليست وصفا للشكل ولا إشارة إلى الجسد وكماله فحسب، بل إعلان تأسيسي يضع الإنسان في موضع المعيار، وفي قلب المشروع الإلهي على الأرض.
فالله سبحانه يقسم بأربعة رموز حضارية ــ التين والزيتون، طور سينين، والبلد الأمين ــ ليهيئ القارئ إلى أن الإنسان هو محور هذا القسم، وأنه خُلق في توازن دقيق يجمع العقل والجسد والروح، ليكون مؤهلًا لبناء العمران.
لكن المعنى لا يكتمل دون أن نواصل القراءة: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾. وهنا يظهر القانون الحضاري: فالإنسان الذي يبدأ من أحسن تقويم ليس مضمونًا أن يبقى كذلك، فهو قابل للانحدار إن عطّل قيمه وانغمس في جهله أو تبعيته. فالتقويم ليس منحة جسدية فحسب، بل مسؤولية أخلاقية ومدنية، وإذا لم يؤدِّ وظيفته صار إلى الحضيض.
إن صورة «أسفل سافلين» ليست مشهدًا أخرويًا فقط، بل وصف لحياة فقدت معيارها، ولمجتمع تهدّم بنيانه الداخلي وترك نفسه للفوضى والانحطاط. فالانحدار هنا تحوّل من التوازن إلى الفوضى، ومن الاعتدال إلى الاختلال، من القدرة على البناء إلى السقوط في الهدم.
ثم يأتي الاستثناء: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. فهؤلاء هم من حافظوا على الاعتدال الأول، وأعادوا الإنسان إلى مقامه. والإيمان هنا ليس طقوسا وعبادات فحسب، بل ثقة بالمعنى والغاية، وإيمانا بالمهمة والمسؤولية وكذلك العمل الصالح ليس عملًا فرديًا محدودًا بل هو منظومة سلوك ومؤسسات تصنع العدل والإنتاج والمعرفة. ولهذا كان جزاؤهم ﴿أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾، أي ثواب لا ينقطع ولا ينقص، لأن أثر هذا الإيمان العملي ممتد في الأجيال، ولا تحجبه حدود الزمن.
بهذا السياق، تصبح السورة كلها خارطة مدنية: تبدأ بالتكريم، وتمر بالانحدار، وتضع شرط الاستثناء، ثم تختتم بالتحدي: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾. وكأن الرسالة تقول: إذا كان هذا هو قانون الوجود، فما الذي يمنعك من الاعتراف بالحقائق الكبرى؟
والقراءة المدنية لهذه الآيات تكشف عن معادلة صريحة:
تبدأ من الفرد مع أحسن تقويم، لكنه يُختبر في كيفية صيانة هذا الاعتدال.
ثم المجتمع، إذ هو ينحدر إلى أسفل سافلين إذا غابت القيم وتحولت الإدارة والسياسة إلى غلبة وعصبية.
وبعد ذلك يأتي الاستثناء، حيث الإيمان والمعنى يتكاملان مع العمل والمؤسسات، ليصنع الإنسان والمجتمع معًا مشروعًا مدنيًا صالحًا.
وأخيرًا الجزاء: أجر غير ممنون، أي ثمرة حضارية مستدامة لا تنقطع ولا تُمحى بمرور الزمن.
إننا إذ نضع هذه القراءة، ندرك أن أمتنا اليوم ليست بعيدة عن هذا القانون الكوني المدني. فلقد وُهب العراقي أحسن تقويم في ذكائه وطاقاته وموارده، لكنه رُدّ إلى أسفل سافلين بسبب الفساد والمحاصصة والتبعية. غير أن الاستثناء ما زال ممكنًا إذا أعدنا الثقة بالعقل وبالقيم، وحولناها إلى مؤسسات عمل صالح تؤسس لدولة مدنية وذكية وسيادية نابضة. عندها فقط يتحقق وعد «الأجر غير الممنون»، نحو مستقبل مستدام لا تنقطع ثماره.
رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=90288
عدد المشـاهدات 98   تاريخ الإضافـة 29/09/2025 - 09:42   آخـر تحديـث 03/10/2025 - 14:18   رقم المحتـوى 90288
محتـويات مشـابهة
محسن رضائي: لو واصلنا الحرب لمدة 60 يوماً ما تبقى لإسرائيل أثر
انعقاد اجتمــاع مديــري إدارات الجنسيــة والأحوال المدنية بالدول العربية في بغداد
الدفاع المدني: التعاقد مع ثلاثة مناشئ عالمية لتصنيع مركبات تناسب الحوادث بالعراق
وزير النفط يعلن بدء انتاج البنزين المحسن من مصفى كركوك
التسوية والتعديل في خلق الإنسان: قراءة قرآنية في ضوء العلم

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا