د سامي الحسناوي 

تعد زيارة الإمام الحسين ع في العشرين من شهر صفر بمحافظة كربلاء المقدسة او الزيارة الأربعينية أكبر مشروع إصلاحي لواقع الأمة بهدف بنائها على المستوى التوعويّ والفكريّ والعلميّ والسياسي وتقويم وتحسين مسارها السياسي والاجتماعي والفكريّ.. ان زيارة الأربعينية تجمع إنسانيّ وعالمي يتجاوز الطابع الديني ويشكل حدثاً اجتماعياً غير مسبوق في العالم لما تجمعه الزيارة من دلالات على المستوى التربويّ والعقائدي والسياسي والإعلامي والثقافي.. تختزن الزيارة أكبر عملية تفاعلية على عدة مستويات فهناك الارتباط بين عالمي الغيب والشهود وامتداد الماضي والحاضر والمستقبل ومفاهيم بناء النفس الإنسانية وديناميكيات الثورة الإصلاحية وعناصر الهوية العاشورائية وغيرها..ويفد الزوار من مختلف أنحاء العالم ومختلف محافظات الوطن لزيارة المراقد والعتبات المقدسة في كربلاء وتعد الزيارة الأربعينية شعيرة مهمة يحيّيها المسلمون كل عام وتعظيمها لسمو ورفعة أهدافها وجعلت تقوى القلوب ناتجاً طبيعيا ملازما لها لما لها من الأثر في اجتماع القلوب حوّلها في احياء دين الله تعالى ونصرة أهداف رسالة الأنبياء في رفض الظلم على مدى تاريخ البشرية وانسجام طرح القضية موضع الأحياء مع الفطره البشرية في التحرر من قيود الجور بأنواعها المختلفة..

تعكس الزيارة السمة الحضارية على صعيد الفردي والمجتمعي في الأمة ولدى أحرار العالم اجمع ويجسد الزحف المليوني من مختلف أنحاء العالم نحو كربلاء تلك السمة في مظاهر متعددة ومختلفة ومراسم مميزة وشاقة..ترسم الزيارة لوحة رائدة في التحرر تبدأ من المشاية عبر السير على الأقدام باتجاه كربلاء من جهات ثلاثة/طريق بغداد وطريق النجف وطريق الحلة.

تشارك في المراسم مختلف الفئات العمرية من الطفل الرضيع إلى إلى جانبه الشيخ الكبير كما يلتحق بالركب سقيم البدن واعمى البصر.تعلو الرايات السود وتصدح المكبرات بالمجالس واللطميات وتنتشر على جانب الطريق الأيمن مضايف واستراحات فضلاً عن مستوصفات ومراكز طبية وعلاجية يشرف عليها أطباء وممرضون ومتخصصون في علاج الأمراض التي تصيب الزائر بسبب الظروف الجوية الصعبة هذا إلى جانب وجود الأجهزة الأمنية من مختلف الصنوف من الجيش والشرطة والحشد الشعبي للقيام بالواجبات الأمنية فيما يستقبل الكرم الحسيني أصحاب المواكب الزوار القادمين صوب كربلاء بتوفير الطعام والشراب وغسل الملابس والراحة والنوم والاستحمام والنقل وكل مامن شأنه الأرتقاء بالمستوى المطلوب لظيوف مدينة الثرى المقدس الطهور كربلاء مدينة سيد الشهداء ليتسابقوا في قصة عظيمة اسمها الآجر والثواب كل هذا تباهياً وتفاخرا بنيل رفعة وسمو بان يكونو من خدمة الإمام الحسين ع. تكشف المناسبة ميزة وفرادة لدى الشعب العراقي على المستوى الروحي والمعنوي تتجلى في مشاهد التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع لتقديم الخدمات للزائرين وبأعلى المستويات وبشكل دقيق ومتكامل في قصة نجاح قل مثيلها في رعاية هذه الحشود المليونية وتكريس الجهود الاستثنائية ومن بين هذه المؤسسات الحكومية التي بذلت جهودا كبيرة وحثيثة ولها دور فعال وواضح أمام الملىء هيئة الحج والعمرة التي قامت بنقل تجربتها الغنية في موسم الحج والتي حققت إنجازا كبيرا وعلى مدى ثلاثة أعوام في الفوز الأول على بعثات الحج هذه التجربة دخلت على خط المشاركة في نقل الزائرين بانسيابية عالية وزج جهدها للتفويج العكسي من خلال تجهيزها حافلات حديثة ومكيفة من خلال تعاقد الهيئة العاليا للحج والعمرة مع أفضل الشركات المعتمدة ذات المواصفات العالية وتجهيز عدد كبير من الباصات لنقل الزوار وبإشراف دولة رئيس الوزراء توزعت على محاور المدينة الجنوبي والشرقي فضلاً عن مشاركة عشرات كوادر الهيئة اللذين يتطلعون إلى منزلة متقدمة في هذا الميدان لغرض إدارة شؤون عملية تفويج الزائرين وبنظام متطور وذات كفاءة وخبرة واسعة من مواسم الحج . وبهذا أعطت الهيئة صورة متكاملة وكبيرة من خلال ادراكهم ان هذه المهمة ليست مجرد عمل إداري او لوجستي بل هي أمانة كبرى هذا ماكده الشيخ سامي المسعودي رئيس الهيئة الذي كان حاظرا بين جموع الزائرين طيلة أيام الذروة متنقلاً بين محاور المدينة وهذه التجربة كان لها الأثر الإيجابي من خلال زج ونقل تجربة الهيئة في الزيارات المليونية وهذا بحد ذاته نجاح آخر لكوادر هيئة الحج والعمرة التي تحتاج دعماً لتحقيقها نتائج إيجابية للمرحلة القادمة من تاريخ هذه المؤسسة نقول شكراً لكل القائمين في مؤسساتنا الوطنية وعلى رأسها المرابطين من رجال الأمن بمختلف صنوفهم والجيش العراقي البطل والحشد الشعبي وأبناء الوطن الذين رسموا قصة نجاح في كل المجالات والتعاول البناء بين المواطنين والجهات الحكومية وتدارك المواقف ومن هذه المعطيات الأخلاقية التي يجب ذكرها…الصبر والتواضع والإيثار والتضحية بالمال والوقت وبذل الجهد وخدمة الآخرين وتقديم المساعدات والتعاون والعفة والعفو والحلم والأدب واحترام حرمات الطريق وغيرها من المعاني الفاضلة والوفاء بالعهود سواءً مع الله تعالى واهل البيت الأطهار او مع النفس والآخرين عظم الله أجركم جميعاً وأحسن الله عزاكم وكل عام والعراق بخير وامان.