شفيق احمد
رأيت في منامي ليلة البارحة كأنني دخلت أرضًا قامت فيها القيامة. كل شيء محطم ومهجور، وأنا أركض بين الطرقات أبحث عن من يُخلّصني. بعد تعب شديد وجهد مرير، رأيت حركة من الناس فاتجهت نحوها مسرعًا. كانت مستشفى، والجميع في داخلها ينتظر خبرًا من غرفة العمليات. الوجوه متعبة، مرهقة، يكسوها القلق والاضطراب. الكل يترقب ماذا سيخرج من تلك الغرفة. وفجأة، فُتح باب غرفة العمليات. لم يُنطق أحد، لكن الحزن انتشر في الوجوه كالنار في الهشيم. نظرت حولي، رأيت وجوهًا مخذولة، لا تملك الجرأة أن تنظر في عيون الآخرين. هنا ازداد إصراري. كان عليّ أن أدخل غرفة العمليات لأفهم ما الذي يحدث. دخلت، فوجدت جميع الممرضين يعيشون خيبة أمل مريرة. سألتهم بغضب: “من الذي مات؟ أخبروني!” لكن لم يجبني أحد. وظللت أصرخ وأسأل، حتى أشار إليّ أحد الممرضين نحو غرفة الطبيب. ذهبت مسرعًا وفتحت الباب، فوجدت الشهيد يحيى السنوار هو الطبيب. قلت له بانفعال: “ما الذي يحدث؟ من الميت؟” فنظر إليّ بحزن عميق، ووجهه يروي ألف خيبة، وقال: “نعم… لقد مات.” قلت له بذهول: “من؟ من الذي مات؟” فقال: “إنه الضمير العربي… مات، ولا نفع فيه.” |