فاطمة حسوني كاظم تعلمت في هذه الحياة الكثير، وما زال هناك الكثير لم أتعلمه بعد. لا حدود لكمال الإنسان وتكامل شخصيته، فكلما قلت: «أنا أعلم وأعرف كل شيء»، يحدث شيء يجعلني أتراجع عمّا قلته. في هذه الحياة، نلتقي بالكثير من الأشخاص، قد تجمعنا بهم صلة قرابة، عمل، أو مجرد صدف. بعضهم يرافقنا لسنوات، وبعضهم يمر سريعاً لكنه يبقى في ذاكرة القلب والعقل. وهنا، أود التركيز على تساؤلات كثيرة تراود أذهاننا: ماذا يعني أن نرتبط بشخص ما، ونعطيه ثقة كبيرة، ثم ينقلب علينا في لحظة؟ أن نشاركه أفراحنا وأحزاننا، ثم يصبح هو مصدر ألمنا؟ أن نحكي له أسرارنا، ثم يفشيها عند أول خلاف؟ في تلك اللحظات، نبدأ بلوم أنفسنا، ونفكر: «لو أنني لم أذهب لذلك المكان، لما التقيت به...» «لو لم يتصل بي فلان، لما حصل هذا كله...» «لماذا جمعني القدر بهذا الشخص؟» لكن الحقيقة يا عزيزي، لا الأيام، ولا المواقف، ولا الأماكن هي السبب. لا تلومها. كل شيء يحدث، يحدث لسبب. قد لا تفهمه الآن، لكنك ستفهم لاحقاً. لا تجعل خيبة واحدة سبباً لتوقفك عن الثقة بالناس أو تكوين علاقات جديدة. فقط كن أكثر وعياً، لا أكثر قسوة. فالصديق السيئ علّمك أهمية الحذر، والمكان الذي لم يُكتب لك دخوله، ربما أنقذك من ضرر أكبر، والتخصص الذي لم تُقبل فيه، ربما فتح لك باباً آخر للإبداع والتميّز. تذكرت قصة قرأتها لأحد الأشخاص: كان لديه موعد سفر إلى مدينة بعيدة للحصول على وظيفة كان يحلم بها، لكن تأخر الحجز، وتأجل السفر. تذمّر كثيراً وشعر بالحزن، ثم تلقى اتصالاً من أقاربه بأن حريقاً اندلع قرب المبنى الذي كان من المفترض أن يكون فيه يوم المقابلة، وأن هناك ضحايا كثر. هنا، تحوّلت مشاعره من التذمر إلى الشكر، لأنه لم يكن هناك. في النهاية… الحياة ليست طريقاً مستقيماً. ستواجهك أحزان، وأفراح، وخيبات، وانتصارات. لكن المهم هو أن تصبر، وتتعلم، وتتجاوز. وأن لا تقع في نفس الخطأ مرتين. وأن تقف في نهاية كل أزمة وأنت منتصر، تنظر لما مضى وتقول: «كل شيء حدث لسبب… ولم يكن عبثاً». |