ضياء ابو معارج الدراجي وارتجَّ عرشُ اللهِ، وانهمرَتْ دموعُ الأنبياء، أينَ العدالةُ حينَ طُعنَ عَليٌّ؟ كيفَ استطاعتْ كفٌّ نجسةٌ أن تمتدَّ على جبينِ الطهرِ؟ في المحرابِ… هناكَ، حيثُ السجودُ صلاةُ العارفينَ، وحيثُ النورُ يفيضُ من جبينِ الوصيِّ، وحيثُ يتلو المصطفى آياتِ السماءِ من شفتيهِ الطاهرتينِ، كانتْ الطعنةُ… صرخةً سقطَتْ في أذنِ الدهرِ فأوجعَتْهُ. “فُزْتُ وربِّ الكعبة!” قالَها والقلبُ ساكنٌ، والمحرابُ ينتفضُ من الدهشةِ، أيُّ دمٍ هذا الذي يطهِّرُ الترابَ؟ وأيُّ نَفْسٍ هذه التي تستقبلُ الطعنةَ كما يستقبلُ العابدُ ضوءَ الفجرِ؟ يا قاتلَ عليٍّ… هل ظننتَ بأنَّ السيفَ يُطفئُ شمسَ الولايةِ؟ أم خُيّلَ لكَ بأنَّ الطعنةَ تمحو عهدَ الغديرِ؟ ما عرفْتَ عليًّا إذًا… ما شممْتَ عَبيرَ فاطمةَ في بردتِهِ، ولا عرفتَ كيفَ كانَ الحسنُ يستلقي على صدرِهِ، وكيفَ كانَ الحسينُ يخطو في ظلِّهِ، وكيفَ كانَ زينبُ ترى فيهِ بسمَةَ النبيِّ! يا شيعةَ عليٍّ… هذا عليٌّ، الإمامُ، الهادي، الوصيُّ، بابُ مدينةِ العلمِ، هذا الذي أدارَ الأيامَ، كسرَ الأصنامَ، وحملَ رايةَ بدرٍ وخيبرَ حينَ ارتدَّتِ السيوفُ! فيا شيعةَ أميرِ المؤمنينِ، ابكوا كما بكى الكرارُ في ليالي الأيتامِ، ونادوا كما نادتْ فاطمةُ عندَ البابِ، وابتهلوا كما ابتهلَ الحسنُ حينَ سقطَ الأبُ الجريحُ، ولطموا الصدورَ كما لطمَ الحسينُ حينَ رأى السيفَ ينغرسُ في جبينِ والدهِ الطاهرِ. لكن… عليٌّ لا يُقتلُ! إنْ سالَ الدمُ من جبينِهِ، فهوَ نهرٌ يسقي العدلَ حتى قيامِ الساعةِ. إنْ خرَّ جسدُهُ ساجدًا، فهوَ قنطرةٌ تعبرُ بها الأجيالُ نحوَ الخلاصِ. إنْ ظنَّ بنو أميةَ أنَّ الطعنةَ ستمحو صوتهُ، فقد خابوا كما خابوا يومَ بدرٍ، وكما سقطوا في وحلِ خيبرَ، وكما انكسروا تحتَ سيفِ ذي الفقارِ. يا قاتلَ عليٍّ… من باعَكَ هذه الطعنةَ؟ أيُّ يدٍ أغوتكَ لقتلِ النورِ؟ أما علمتَ أنَّ فاطمةَ تنتظرُهُ هناكَ؟ أما علمتَ أنَّ النبيَّ ينظرُ إليكَ بعيونِ الغضبِ؟ أما علمتَ أنَّ زينبَ سترفعُ رأسَهُ في كربلاءَ، حينَ يراهُ الحسينُ مذبوحًا في محرابِهِ؟ يا أبا الحسنِ… طِبْ نفسًا، فما ماتَ صوتُكَ، ولا سقطَ سيفُكَ، ولا غابَ ولاؤُكَ عن القلوبِ، ستظلُّ صلاتُكَ تُحيي الدنيا، وستظلُّ عدالتُكَ تفضحُ الظالمينَ، وستظلُّ الطعنةُ، لعنةً على قاتلِيكَ إلى يومِ الدينِ! |