م.م عامر هاتو الازيرجاوي / جامعة ميسان تعد القصة المصورة من أكثر الأشكال الأدبية التي تجذب انتباه الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، أي مرحلة (ما قبل المدرسة)، حيث إنها تلامس مشاعرهم وعقولهم، وذلك بفضل ما تتضمنه من عناصر مثيرة للاهتمام تنطوي على الرسومات والصور المبهجة ذات الإخراج الفني المتقن، فهذه القصص ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة تعليمية فعالة، تستحوذ على خيال الطفل وتثير فضوله لما فيها من عناصر الشد والتشويق التي تجذبه اليها ، وقد اتفق عدد من المربين المتخصصين في تربية الأطفال، مثل عواطف إبراهيم (1993)، ويعقوب الشاروني (2005)، على أهمية الاستفادة من الصور في النشاط القصصي الموجه للأطفال في هذه المرحلة، باعتبار أن الصور تعتبر محفزًا بصريًا يساعد على تعزيز التركيز والانتباه، وهي تساهم في تفسير النصوص اللفظية والشفهية مما يعزز من تطور اللغة الشفهية لدى الطفل ويسهم في نمو مهاراته اللغوية.من جانب آخر، تشكل الصور في القصة المصورة عاملاً جوهريًا في إيصال مكونات القصة للطفل، فهي تمكّن الطفل من تفاعل أعمق مع الأحداث والشخصيات، فالفنان من خلال رسم الشخصيات وتسلسل الأحداث، يخلق صورًا تعكس مشاعر الشخصيات وردود أفعالها، مما يساعد الطفل على فهم الدلالات العاطفية والنفسية لهذه الشخصيات من خلال تعبيرات الوجه والجسد، وهكذا تصبح الصور وسيلة أساسية تتيح للطفل استيعاب معاني القصة بطرق متعددة مما يعزز من قدراته المعرفية والإدراكية. وقد أشارت الباحثة هدى الناشف إلى أن سرد القصص شفهيًا للأطفال يعد من أبرز الأساليب التربوية الفعالة في تطوير اللغة الشفهية لديهم، فالطفل يميل بشكل طبيعي إلى الاستماع إلى القصص وإعادة سردها، مما يساهم في توسيع مفرداته اللغوية وتطوير مهاراته التعبيرية، فالاستماع يعد أول نمط فكري يتعلم من خلاله الطفل مفردات اللغة ويكتسب القدرة على تقليدها بشكل صحيح، لذا يجب أن يركز الآباء والمعلمون أثناء سردهم القصص المصورة على تعزيز حاسة السمع لدى الأطفال، باعتبارها الأساس في تعلم اللغة السليمة وبناء مهارات الاستماع الجيد.وفي هذا السياق، تُظهر القصة المصورة في (مغامرات زعتر والقط المشاكس)، فكرة ورسوم (لينا الزيبق)، المنشورة في مجلة (قنبر للأطفال 2018)، كيف يمكن للصور أن تعزز من فهم الطفل للقصة، حيث تتنقل القصة عبر سلسلة من الصور التي توضح تطور الأحداث بشكل واضح، فالصورة الأولى تعرض القط في الحديقة بالقرب من شجرة، حيث تتواجد حمامة تلتقط حبات القمح، وفي الصورة الثانية يظهر القط وهو يفكر في طريقة للإمساك بالحمامة، ثم تأتي الصورة الثالثة حيث يقوم القط بصنع شبكة (مصيدة) لاصطياد الحمامة، وفي الصورة الرابعة، نرى القط وهو يضع حبات القمح داخل الشبكة لإغراء الحمامة، أما الصورة الخامسة، فتظهر الحمامة وهي تدرك الحيلة، وأخيرًا، في الصورة السادسة نرى الحمامة تطير بعيدًا ويُفشل القط في محاولته. من خلال هذه الصور، يمكن للوالدين أو معلمات رياض الأطفال أن يقوموا بسرد القصة للطفل وتوجيه أسئلة حول ما يراه في الصور، مما يعزز من قدرته على ربط ما يسمعه بما يراه، وهذه الطريقة لا تقتصر على تعزيز الفهم فقط، بل تساهم أيضًا في إثراء مفردات الطفل اللغوية. إن إعادة سرد القصة مرارًا وتكرارًا توفر فرصة للطفل لترسيخ تفاصيل القصة في ذهنه وتعزيز قدراته اللغوية والفكرية. |