رعد صياح زنكنة في العصر الرقمي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا من الحياة اليومية حيث تُستخدم للتواصل التعبير عن الآراء ونشر الأخبار. لكن هذا التطور لم يبق محصورا في الجوانب الاجتماعية، بل تحول إلى أداة تحليلية قوية تستخدمها الحكومات والشركات لفهم التوجهات ورصد السلوكيات وحتى تتبع التهديدات الأمنية. تستخدم تقنيات تحليل البيانات بطرق مشروعة كتحسين الخدمات وتعزيز التفاعل بين المستخدمين ولكنها في الوقت نفسه تستغل لأغراض أمنية بما في ذلك مراقبة الأفراد والتنظيمات بحجة حماية الأمن القومي ومكافحة الجريمة والإرهاب. فتحليل البيانات الضخمة أصبح أداة رئيسية في تتبع الأنشطة المشبوهة وتحديد المواقع وفهم الاتجاهات الاجتماعية والسياسية. ومع هذه الفوائد تظهر تحديات قانونية وأخلاقية والسؤال الذي يطرح نفسه إلى أي مدى يمكن التضحية بالخصوصية الفردية لتحقيق الأمن؟. هذه المسألة تثير جدلًا واسعًا عن ضرورة إيجاد توازن بين حماية الأمن وحماية الحريات الشخصية. اذ أصبحت الحكومات وأجهزة الاستخبارات تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة التي تُنشر يوميًا على منصات مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام، تُستخدم تقنيات متطورة، مثل معالجة اللغة الطبيعية، لتحليل المنشورات والتعليقات، واستخراج الكلمات المفتاحية التي قد تشير إلى تهديدات أمنية، كما تُستخدم تقنيات التعرف على المشاعر لتقييم نبرة الخطاب، وتقنيات رؤية الحاسوب لتحليل الصور ومقاطع الفيديو. وتشمل هذه العمليات أيضًا التعرف على الوجوه والأماكن، وتتبع سلوك المستخدمين من خلال إنشاء ملفات شخصية تستند إلى أنماط نشاطهم، كما يتم تحليل الروابط بين الأفراد لتحديد الشبكات أو الجماعات المؤثرة، فضلا عن رصد الحملات الإعلامية المضللة واكتشاف الأخبار الزائفة. وعلى الرغم من الفوائد الأمنية، يثير هذا الاستخدام مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية وحرية التعبير ، فالتجسس الرقمي قد يستخدم في تقييد الحريات أو قمع المعارضة مما يستدعي وضع أطر قانونية صارمة تحدد آليات استخدام هذه التقنيات مع ضمان عدم استغلالها لانتهاك الحقوق الأساسية. لذلك بات من الضروري إشراك المجتمع المدني في وضع السياسات الخاصة بهذه التقنيات، وإيجاد توازن دقيق بين تحقيق الأمن الوطني وحماية الخصوصية الفردية. الذكاء الاصطناعي يجب أن يُوظف بمسؤولية أخلاقية وقانونية لضمان بيئة آمنة تحترم حقوق الجميع. |