الفريق الركن أحمد عبادي الساعدي جاء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كإحدى أبرز التحولات الجيوسياسية التي تحمل في طياتها رسائل تتجاوز حدود هذا البلد الآسيوي. الانسحاب لم يكن مجرد خطوة لإنهاء أطول الحروب الأمريكية، بل يُمثل إعادة ترتيب الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة في سياق عالمي يشهد صراعات على النفوذ بين القوى الكبرى. ومع التشابهات العديدة بين المشهد الأفغاني والسوري، يبرز تساؤل: هل تسير سوريا على خطى أفغانستان؟ ١- الانسحاب الأمريكي وإعادة ترتيب الأولويات: الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يعكس فشل الولايات المتحدة في تحقيق استقرار سياسي وأمني واقتصادي هناك، فضلاً عن عدم قدرتها على تسويق نموذجها الديمقراطي في المقابل، تغيّرت أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث بات تعزيز النفوذ في مناطق أخرى، مثل الشرق الأوسط، أكثر إلحاحًا لمواجهة التمدد الروسي والصيني. هذا التحول جعل من الانسحاب وسيلة لإعادة توزيع الموارد، مع الإشارة إلى أن واشنطن لم تعد تهتم كثيرًا بمواجهة التنظيمات المتشددة، بل ربما وجدت في صعودها أداةً تخدم استراتيجياتها الإقليمية.بما يتلائم مع مسارات الخطط الموضوعه للشرق الأوسط والمنطقة العربيه بالذات ٢-الإسلام السياسي كأداة للفوضى: تشير التحولات الأخيرة إلى أن الغرب لا يعارض صعود الأنظمة الإسلامية المتشددة في دول الشرق الأوسط. السبب في ذلك يعود إلى ضعف هذه الأنظمة في إدارة الدول، خاصة في مجتمعات متعددة الأعراق والطوائف، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى الدائمة. هذه الفوضى تخدم القوى الغربية التي تسعى إلى إبقاء البلدان الإسلامية في حالة ضعف مزمنة، حيث تجد التنظيمات الإسلامية السياسية صعوبة في تحقيق التوافق المجتمعي أو بناء نموذج دولة قوي ومستقر والواقع ثبت ذلك فشل اخوان المسلمين في مصر وكذلك في ليبيا وافغانستان . نعم المجتمعات العربية والإسلامية تحتاج النظام الإسلامي بمنهج حياتها ولكنه الإسلام المعتدل الذي يحترم حقوق الآخرين وشركاء الوطن من الديانات والطوائف الأخرى وكما عرف الإسلام دين الله ومنهج قويم وتقويم الإنسان وليس. منهج ذبح وقتل وتكفير واغلب الدول الاسلامية اتخذت الدين غطاء لإدارة البلدان ولكن وفق منظور عصري مبني على أساس احترام حقوق الإنسان والعلاقات السلمية بين أبناء البشر كافه .ولهذا إننا نجد ما يسوق لان من على ان نظام إسلامي متشدد مشوهه تماماً وغير مرغوب عالمياً . ولهذا تجد الغرب يدعم تلك الحركات الإسلامية الأصولية المتشدده لأجل إفهام المجتمعات الدولية الإسلام دين دموي ودين عنف وقتل . ٣- تركيا بين الطموح والفخ السوري: برزت تركيا خلال العقد الماضي كلاعب محوري في دعم التيارات الإسلامية المتشددة، تحت غطاء إحياء الإرث العثماني وتزعم العالم الإسلامي السني. تمكنت تركيا من تسويق نفسها كقيادة جديدة للعالم الإسلامي، بدعم من حلفاء مثل قطر. لكن هذا الدور لم يمر دون تخطيط غربي محكم. فقد غضّت القوى الغربية الطرف عن هذا التوجه التركي، بل واستثمرت فيه، لتوريط تركيا في صراعات طويلة الأمد، مثل الأزمة السورية. واقعتها بالفخ السوري ذلك المستنقع الذي لن يعرف نتائجه الحد الآن أتى نتيجة حسابات استراتيجية خاطئة. فبدلاً من تحقيق مكاسب إقليمية، وجدت أن تدخلها في سوريا يستنزف مواردها ويهدد استقرارها الداخلي الأتراك مستقبلا سيكون وضعهم الاقتصادي صعب جدا وكذلك فقدو ثقه دول الجوار بهم بعد انكشاف نواياهم الحقيقه اتجاة العرب مع تنامي الخوف الأوروبي من النهضة العسكرية التركية خلال العقود الثلاثة الماضية أثارت قلق أوروبا، التي تخشى من تحول تركيا إلى قوة تهدد أمنها. لذا، تم دفعها إلى الانغماس في أزمات الشرق الأوسط لإضعافها داخليًا وخارجيًا. وخلال خمس السنوات القادمة ستكون تركيا خارج الحلف الأطلسي واقتصاداً ضعيف وبلد يكاد ان يحافظ على وحدة التراب التركي . ٤-:سوريا كنسخة مكررة من أفغانستان: تشترك سوريا وأفغانستان في العديد من الخصائص ومنها الصراعات الطويلة استمرار الحرب الأهلية لعقد من الزمن دون نهاية واضحة.الفوضى السياسية وتعدد الفصائل المتصارعة، وفشل الدولة المركزية في بسط السيطرة التدخلات الخارجيه ودور القوى الإقليمية والدولية في تأجيج الصراع وتعقيده. كل العوامل اعلاة تشكل دولة سورية هزيلة ضعيفه ممزقه وخصوصا عند تسويق فكرة سوريا يقودها نظام إسلامي ظاهراً معتدل وباطناً متشدد لكونه نابع من فكر التنظيمات الارهابيه بالرغم من اعادة تأهيل قياداته بما ينسجم مع الواقع العالمي ربما اليوم لم تنكشف النوايا الحقيقه ولكن بعد مرحلة التمكين والسيطرة التامة على السلطة لتتضح حقيقه هولاء الحاكمون في سوريا وبعدها الندم لن ينفع . والان يعتمد النظام الحالي في سوريا على الدعم التركي والقطري وبعض الدعم الخليجي الخجول ولكن يتطور حال سوريا في حالة انسحاب القوى الكبرى من سوريا، إذا حدث، قد يؤدي إلى فراغ مشابه لما حدث في أفغانستان، حيث تسود التنظيمات المتشددة ويتعمق الفشل في بناء الدولة. ٥- الاستراتيجية الغربية للشرق الأوسط: الغرب يُدرك جيدًا أن الاستقرار في الشرق الأوسط لا يخدم مصالحه. لذلك، فإن دعمه الضمني لصعود تنظيمات إسلامية متشددة، أو حتى غض الطرف عن أدوار دول مثل تركيا وقطر، يأتي في إطار سياسة “إدارة الفوضى” التي تهدف إلى: إضعاف القوى الإقليمية سواء كانت دولًا مثل تركيا وإيران، أو تنظيمات تسعى إلى توحيد الصف الإسلامي.منع ظهور قوة موحدة تجعل من الصعب على دول المنطقة تحدي الهيمنة الغربية.خلق نزاعات مستدامة تضمن استمرار الحاجة إلى تدخل القوى الكبرى. الخاتمة: هل سوريا هي أفغانستان الجديدة؟ بينما تبدو سوريا في طريقها إلى مصير مشابه لما حدث في أفغانستان، يبقى هذا السيناريو مرهونًا بالعديد من العوامل، مثل طبيعة التدخلات الدولية والإقليمية، وقدرة القوى المحلية على تحقيق توافق سياسي. لكن الواضح أن الشرق الأوسط، وفق الرؤية الغربية، سيبقى ساحة للصراعات المفتوحة، حيث تُستخدم التنظيمات المتشددة كأدوات لإدارة الفوضى، ويُعاد رسم الخرائط الجيوسياسية بما يخدم مصالح القوى الكبرى.وتحاول الصين وروسيا ايجاد دوراً لها في المعادلة السورية وان حصل ذلك الدور سيشكل قد يُحدث فارقًا كبيرًا مقارنة بأفغانستان، حيث تسعى هاتان القوتان إلى منع الغرب من تكرار سيناريو الانسحاب الذي يترك المجال مفتوحًا للفوضى.ما زال السؤال قائمًا هل تستطيع القوى الإقليمية مثل وتركيا وقطر وبعض دول الخليج العربي تجاوز الخطة الغربية أم أنها ستظل عالقة في الفخاخ المنصوبة لها؟ |