زمزم العمران قال تعالى في كتابه الكريم : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا * وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) الشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الأوطان والكرامات والمقدسات هي الشرف الأسمى والمرتبة العليا التي ينالها المجاهدون الأحرار وهم يقارعون قوى الظلم والإجرام، بها تصان الحرمات وتحفظ الحريات، وتبقى الأرض عزيزة رغم كل التحديات. وهذا ما مضى عليه رجال العقيدة والحق وهم يسارعون لتلبية فتوى الدفاع الكفائي المقدس لتحرير أرض العراق وصون مقدساته من عصابات داعش الإجرامية، وراحوا يبذلون أرواحهم الطاهرة لتحقيق النصر المؤزر، حيث رقت أنفسهم الزكية لتعانق ذرى المجد والخلود، واستذكاراً وتخليداً لقادة هذا النصر العظيم الشهيدين السعيدين (الحاج أبو مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني) ورفاقهم الأبرار الذين نالوا شرف الشهادة اثر الاعتداء الإجرامي الغاشم الذي تعرضوا له في مطار بغداد مطلع سنة 2020م ، أحيا العراقيون الذكرى الخامسة لاستشهاد قادة النصر قائد فيلق القدس الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس في موقع الجريمة قرب مطار بغداد الدولي وفي روضة الشهيد المهندس في النجف الأشرف ،وتوافد عشرات الآلاف من العراقيين إلى مكان اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما قرب مطار بغداد الدولي، لاحياء ذكرى استشهادهم بمهرجان يليق بالمناسبة، وسط حضور شخصيات من كافة أطياف المجتمع العراقي. تغييرات كبيرة حصلت، ومعطيات تبدلت ،وإلى أين آلت المنطقة بعد اغتيالهم؟ فأغتيال الشهيدين لم يكن عملية امنية معقدة، بل هو مؤشر لحقد ودناء الادارة الاميركية ، خاصة على الحاج الجنرال قاسم سليماني الذي حتى بشهادته هزم أهداف الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة ظنت أنها باغتياله تضرب محور الصراع مع “اسرائيل” في الصميم، لكن وبعد رحيله أدركت أن ما من شيء طرأ على هذا المسار، وهذا ما أكد عظيم الجهد الذي بذله الشهيد على “قوة القدس” من جهة وفي كل جبهة أو فصيل مقاوم كان له مساهمة فيه من جهة ثانية، وهنا تأكيد على قوة أثره، الذي تحدث عنه السيد الشهيد حسن نصرالله في أحد لقاءاته التلفزيونية، على “قناة الميادين”، قائلاً “من اللحظة الأولى للقائك مع قاسم سليماني ستكتشف أنك تجلس مع أخ وصديق وحبيب، وكأنك تعرفه منذ عشرات السنين، هذا أمر مميز جداً، وليس أي إنسان بإمكانه أن يمتلك هذه الكاريزما، هذه القدرة على التأثير، لم يكن يتصنع ذلك، هذه طبيعته، هو إنسان محبٌ ومتواضعٌ، يهتم بالآخرين، ومستعدٌ لأن يضحي من أجلهم”. الشهيد أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، ذات الشيبة البيضاء والوجه النوراني والإبتسامة الجميلة التي لا تفارق وجهه منذ استشهاده إلى يومنا هذا لانجد من يملىء فراغ مكانه ولن يأتي أحد بمثله بعطفه واحتوائه لأبنائه المجاهدين وتلبية احتياجاتهم كان الشغل الشاغل للحاج أبو مهدي هو تثبيت الحشد الشعبيّ وإعطاء المجاهدين حقوقهم، ومعاملتهم كأبناءٍ له، ولم تقتصر علاقته بالمجاهدين خلال حياتهم فقط، وإنّما بعد شهادتهم أيضاً، حيث كان يزور أضرحتهم حرصاً على هذه العلاقة الخاصّة، والتي كانت تدلّ على شعور الأبوّة والعاطفة الجيّاشة تجاههم. وحول طبيعة العلاقة بينه و بين الجنرال الحاج قاسم سليماني، قال المهندس في أحد اللقاءات الصحفية باللغة الفارسية التي يتقنها” أفخر أن أكون جنديا لدى الحاج قاسم سليماني وهي نعمة إلهية”، لقد عمل الرجلان معا عن كثب وضمن أهداف استراتيجية عدة مشتركة تخص “جهاز الأمن العسكري” المعروف بـ”قوات القدس” والذي تولى الجنرال قاسم سليماني قيادته منذ العام 1998 وكذلك الجناح الخارجي لعملياته ، حتى قضى الرجلان معا حيث أنهت غارة أمريكية حياتهما بعدما استهدفت موكبهما على طريق مطار بغداد ، فسلام عليهم حين ولدوا وحين استشهدوا وحين يبعثون احياء . |