محمد توفيق علاوي مخطط اسقاط بشار الأسد وجلب جبهة النصرة للسيطرة على سوريا هو مخطط اسرائيلي بالدرجة الأولى تم التهيئة له قبل فترة ليست بقصيرة؛ من الطبيعي ان إسرائيل قد نسقت مع اكثر من طرف وكل طرف له اجندته وأهدافه، فتعاملت بطريقة ذكية ومدروسة مع كافة الأطراف واستطاعت حسب تصوري اقناع كل طرف بان سيطرة القاعدة (جبهة النصرة) على سوريا سيحقق اهداف ومصالح ذلك الطرف ولا يتعارض مع مصالحهم، وهذه الأطراف هي : 1.تركيا. 2.اميركا 3.اوربا ان الهدف المشترك بين الأطراف الثلاثة أعلاه فضلاً عن اسرائيل هو انهاء الوجود الإيراني في سوريا وقطع الامداد لحزب الله، فما هي الأهداف الخاصة لكل طرف من هذه الأطراف الثلاثة. بالنسبة لتركيا ترغب بالاستيلاء على مناطق من سوريا ولا سيما حلب (كما صرح رئيس حزب الحركة القومية التركي - دولت بهتشلي- حليف اردوغان) فضلاً عن انهاء دور الحركات الكردية الانفصالية وانهاء أي دور لهذه الحركات بإسناد حزب العمال الكردستاني، لقد اصبحت كل هذه الاهداف قريبة من التحقق. بالنسبة لأميركا فهي ترغب بإنهاء الوجود الروسي ولا يهمها ما ستؤول اليه الأمور ولكنها لا ترغب برجوع فصائل القاعدة وداعش، وهذا الهدف لم يتحقق بل تحقق العكس فقد رجعت القاعدة متمثلة بجبهة النصرة بأقوى قوتها، فكيف اقتنعت اميركا بهذا التغيير ؟؟؟؟ بالنسبة لاوربا فهي ايضاً ترغب بإنهاء الوجود الروسي لكنها لا تريد رجوع الجهات الإرهابية كالقاعدة وداعش لما يسببه ذلك من فزع واستمرار لحالة الهجرة من سوريا الى اوربا فرجوع القاعدة وداعش هو امر مرفوض من قبلهم، فكيف اقتنعوا بإنهاء نظام بشار الأسد واستبداله بجبهة النصرة ومعناه استمرار الهروب من اطراف أخرى لم تهرب سابقاً كالعلويين والاسماعيليين والشيعة والدروز والمسيحيين ؟؟؟؟ لقد كان الوضع الطبيعي والمثالي هو إعطاء القيادة لطرف علماني والذي يمكن ان تجتمع عليه المعارضة ويرضي الأمريكان والاوربيون، بل يمكن بكل يسر وسهولة جلب طرف إسلامي معتدل نسبياً كالإخوان المسلمين مما يحقق الرغبة التركية ولا يلقى معارضة أمريكية او اوربية؛ ولكن لماذا الإصرار على جبهة النصرة؟؟؟ إسرائيل لها هدفين أساسيين، الأول كما ذكرنا انهاء الوجود الإيراني وما يمثله ذلك من إيقاف التمويل وتوفير السلاح لحزب الله، اما بالنسبة لروسيا فإسرائيل لا يهمها بقاء او انهاء الوجود الروسي بشكل كبير إلا إذا كان فيه اسناد للأسد وما يعني ذلك من الاستمرار بتزويد حزب الله بالسلاح من ايران، كما انه لا يعنيها او بالأحرى تفضل استقطاع أجزاء من سوريا لصالح تركيا او لصالح الاكراد او هي تسيطر عليها كما حصل مؤخراً في الجولان. اما الهدف الاسرائيلي الثاني فهو تدمير سوريا وتمزيقها وانشاء دويلات قائمة على أسس عرقية ودينية وطائفية متصارعة فيما بينها وهذا لا يحققه إلا مجيئ جهة إرهابية تستسهل القتل وسفك الدماء وتنشر الدمار وهذا لا يتحقق إلا بمجيئ مجموعة إرهابية تكفيرية قادرة على انهاء السلم المجتمعي وتمزيق المجتمع السوري وهو ما يتمثل بجبهة النصرة. هذا الامر يتطلب اقناع الاتراك والأمريكان والاوربيون ؛ فتم التفاهم مع الجولاني بطرح خطاب توافقي معتدل في الفترة الأولى (لعله سنة او سنتين او اكثر او اقل) وتحقيق كافة المتطلبات التركية والأمريكية والاوربية، والأكثر من ذلك ان جبهة النصرة لم تبد أي اعتراض حتى ولو كان اعتراضاً لفضياً تجاه إسرائيل قبال المجازر الرهيبة بحق أطفال ونساء ورجال غزة من الأشخاص المسالمين والابرياء، كل ذلك من اجل تحقيق الرضا الإسرائيلي وباتفاق مسبق ، مما لا شك فيه ان بشار الأسد كان مستبداً ومسؤول عن قتل الكثير من المعارضين بغير حق، ولكن المستقبل سيكون خطير جداً ضمن التخطيط الإسرائيلي للمنطقة، لذلك المطلوب من الدول العربية والإسلامية ان تبذل كافة جهودها للحفاظ على وحدة الأراضي السورية لمواجهة هذا المخطط الإسرائيلي الخبيث، ويجب على الحكومة العراقية السعي للتواصل مع النظام الجديد في سوريا من اجل الحفاظ على علاقات اخوية متوازنة خدمة لمستقبل دول المنطقة وأبناء الشعبين الشقيقين العراقي والسوري. ما هي الخطوة الإسرائيلية الثانية بعد القضاء على سوريا؟؟؟ هناك ثمان دول عربية محيطة بإسرائيل من غير سوريا وتخطط لها إسرائيل في مشروع الشرق الأوسط الجديد وهي مصر والسعودية والأردن ولبنان وليبيا واليمن والعراق وما تبقى من فلسطين، أي غزة والضفة الغربية؛ واخطر المخططات هي بحق السعودية والعراق. السعودية: بعد استقرار دام لأكثر من مئة عام وتطور كبير في كافة الميادين وطفرات نوعية غير مسبوقة في كافة المجالات ونشوء جيل واعي ومتعلم ونشوء صناعات متميزة يشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل، ولن تنفع سياسات التطبيع والتقارب مع إسرائيل، فلا يجوز لاي دولة عربية وإسلامية بنظر إسرائيل ان تحقق تطوراً حقيقياً بغض النظر عن نظامها القائم وقربها من اسرائيل، فقد سئل أبا ايبان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية في ستينات القرن الماضي بعد اصدار كتابه [بلدي: قصة إسرائيل الحديثة] عام 1972 عن العراق، فقال كانت العراق اكثر دولة نخشى منها لأنها كانت تسير بخطى حثيثة نحو التطور وما تمتلكه من إمكانيات ثقافية ومادية، ولكن ما ان حدثت ثورة 1958 وما تبعها من ثورات في ستينات (القرن الماضي) ورأينا ان عجلة التطور قد توقفت واخذ البلد يتراجع تولد لدينا اطمئنان ان العراق لن يشكل خطراً على إسرائيل في المستقبل المنظور، الامر ينطبق الآن على السعودية، ولا يمكن معرفة ما تخبؤوه إسرائيل للسعودية من اضطرابات واغتيالات على مدى المستقبل المنظور. لا تريد إسرائيل ان يتكرر سيناريو الشاه الذي كانت تعتبره الحليف الأقوى في الشرق الأوسط، ولكن انقلبت ايران في ليلة وضحاها الى عدو لدود ، وهذا السيناريو ممكن ان يتكرر مع أي دولة اسلامية اما العراق: فإن تم القضاء على الفساد واستقر البلد وحقق تطوراً حقيقياً بما يمتلكه من كفاءات وامكانيات فيمكن ان يشكل خطراً حقيقياً كما ذكره أبا ايبان، ولذلك لا يجوز السماح له بالاستقرار ويجب السعي لتفتيت البلد كما هي سياسة بايدن الصهيونية التي دعا اليها عام 2006 لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية، ثم كان مخطط إسرائيل باحتلال داعش للموصل عام 2014، ولكن داعش دحرت بفتوى المرجعية الرشيدة، والآن سيأتي دور جبهة النصرة التي نأمل انها مغايرة لسياساتها التكفيرية السابقة ولكن ان استمرت تلك السياسات السابقة فيخشى من استخدامها كرأس حربة لضرب العراق فضلاً عن السعودية والأردن ومصر وفلسطين واليمن في المستقبل المنظور. |