إيزابيل بنيامين ماما آشوري من وصايا يسوع المسيح في الإنجيل : (وأنا أقول لكم : اصنعوا لكم أصدقاء بمالِ الظلمِ. لم آت لأعطي سلاما بل سيفا وانقساما، ومن لم يكن لهُ سيفا فليبع ثوبه ويشتري سيفا). (1) شعوبٌ اكتوت بنار الظلم فهبت للدفاع عن نفسها. بما أن المستهدف هم المسلمون فإن دستورهم الديني (القرآن) يأمرهم بمقارعة الظلم والظالمين، حيث وردت كلمة الظلم ومشتقاتها في القرآن في أكثر من (289) موضعا وأكثر اشتقاقاتها مفردة (ظالمين). إن مهمة الأديان هي تجسيد العدل ونشره وإبلاغه وحمايته في المجتمع، ومواجهة الظلم ومعالجة أسبابه ومحاصرة آثاره، وبيان مخاطره على الفرد والمجتمع. وقيم الدين إنما شرعت في الأساس لإقامة الدنيا على منهاج العدل، واستنقاذ الإنسان من النزوع إلى الظلم والسير به إلى شاطئ الأمان، بحيث لا يَظلم ولا يُظلم. سلام ونعمة . أخي الطيب فرحان حياك الرب (2) ، أنا قطعت وعدا مع نفسي أن لا أتدخل بالسياسة لأنها ليس أساس المصائب ، بل أن الدين المغلوط المشوه هو أساس مصائب الناس. السياسة تأثيرها محدود على الناس، بينما كلمة دينية قد تشعل وتُلهب حماس الجماهير وتدفعها لرمي نفسها في الموت. ولكني لست قاصرة او عاجزة عن الردود السياسية. بل لأن ردودي ستكون مؤلمة موجعة لما فيها من قوة المنطق والدليل. بالنسبة لقضية غز ة وضرب مقر قنصلية إير ان في سو ريا وهل ستؤدي إلى حرب شاملة. أقول لك : أن الغرب كله أمر يكا و أو ربا وحلفائهم دول ظالمة متفرعنة مجرمة لا تهدأ إلا بسفك الدماء وتُرضيها سياسة النهب والسلب والإذلال. مخدوع من يعتقد أن هناك إنسانية لدى الغرب عموما في تعامله مع غيره من البشر. أولا : كيف تريد من الدول الغربية إدانة الإ بادة الجما عية في غز ة ، وهي التي قتلت في الاستعمار وقامت بمجازر وابا دات جما عية مروّعة. فهل ستقوم فرنسا بإدانة الإبا دة الجما عية في غز ة وهي التي قتلت مليون جزائري. وهل ستقوم إيطاليا بإدانة الإبادة الجما عية في غز ة وهي التي قتلت نصف مليون مواطن ليبي أيام استعمار ليبيا. وهل ستقوم بريطانيا بإدانة الإبا دة وهي التي احتلت ثلث العالم وقتلت ثلاثين مليون إنسان في مستعمراتها . وهل ستُدين المانيا الإبا دة وهي التي تسببت في حربين عالميتين قتل فيها أكثر مائة وسبعين مليون إنسان. وهكذا أمر يكا التي قتلت سبعة ملايين إنسان في فيتنام ، ومليونين في أفغانستان ، ومليون ونصف في العراق ووووووووو ثم ألقت قنابلها النووية على اليابان، ولم يُدنها أحد بأنها ارتكبت إبا دة جما عية. وهل التهديد بمحو الحضارة البشرية الحالية إلا من الغرب وتسليحه المحموم بمختلف أنواع أسلحة الإبا دة الجما عية لا بل محو البشرية.(3) أما ضرب القنصلية الإيرا نية في سو ريا . فغايته جرّ إير ان إلى مواجهة شاملة لضربها وقطع رأس الأفعى الذي يُغذي بقية الأطراف في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وأماكن أخرى. ولكن الاحتمال أن يحصل الرد الإير اني على إسرا ئيل في البحر من خلال قصف أهداف بحرية تعود للكيان الغاصب.(4) أو رد على منشآت إسرا ئيلية في مناطق معزولة من فلسطين . ولكن المهم أن إير ان عندها الجرأة أن ترد ولا تخاف مثل بقية دول العالم. وهي التي سبق وأن قصفت قواعد للمو ساد وقواعد امر يكية. أمر يكا وبر يطانيا وألمانيا تتدخل الآن عبر وسطائها في الخليج وتركيا والعراق لإعطاء إير ان بعض الامتيازات مقابل أن لا تقوم بضرب إسرا ئيل. وفعلا قامت أمريكا قبل كم يوم بكسر الحصار الاقتصادي على إيران من خلال بعض الاستثناءات وكذلك منح الضوء الأخضر لإيران في الاستمرار ببرنامجها النووي. ويجري التفاوض الآن لإطلاق بعض الأرصدة المالية الإيرانية المجمدة. وهو ما يُسمى سياسة استرضاء إير ان. (5) وبالمقابل فإن إير ان تملك أوراق ضغط هائلة مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب الذي تخرج منهما نصف التجارة العالمية للنفط وغيرها. ما أريد أن أقوله أن السياسات الظالمة المنحازة التي تقوم بها أوربا والغرب وحلفائهم هي ا لسبب وراء ما يُعانيه البشر والمدر والشجر والحجر من مصائب وويلات. خذ مثلا : في سنة 1993 دمّر انفجار سفارة إسر ائيل في الأر جنتين في بو ينس آير س ومنذ ذلك التاريخ والجهود منصبة لاتهام إيران وفعلا يوم أمس قامت الأر جنتين باتهام إير ان بأنها دولة إرها بية وتقف وراء تفجير سفا رة إسرا ئيل في بو ينس آير س وهذا يعني انهم استمروا ولمدة تقرب من (30) عاما في حياكة اتهام إير ان. ولكن بالمقابل لا يحق لإ يران ان تتهم إسرا ئيل التي أعلنت صراحة أنها وراء قصف القنصلية ، وليس لإيران الحق في الرد ، او الانتقام. (6) فهل ترى في ذلك عدالة. إيران من جانبها قالت : بأنها لو سمعت أن مجلس الأمن الدولي أدان قصف قنصليتها فإنها سوف لا ترد . ثم قالت : لو يتوقف هجوم إسرا ئيل على غز ة فسوف لا ترد . انظر أخي الطيب أين تحكم المبادئ الإنسانية الصحيحة. أن الغرب المجرم بعد الحرب العالمية الثانية يبحث عن ذريعة لشن حرب عالمية ثالثة تحت حجج واهية مثل (المليار الذهبي). و (غزو مخلوقات فضائية). و (الاقتصاد الصيني) , (ونهوض رو سيا من جديد وحرب أوكر انيا). حربٌ سوف يشعلوها لسبب واحد : حبهم ونهمهم للدماء وسياسة الفايكنج والبرابرة والمافيات والقراصنة في النهب والسلب والحرق والتدمير المزروعة في طبعهم. والطبع كما هو معروف غلب التطبّع فلا تخدعكم مظاهر المدنية الزائف التي يُغلّفون بها حضارتهم. أن استمرار ديمومة الحياة في الغرب يعتمد على العدوان، واحتلال الأرض، والعبث بالعرض، والتهجير، والتصفية العرقية، واستمرار استنزاف الثروات، والاستئثار بها وسرقة الخبرات، ومساندة أنظمة الظلم والاستبداد السياسي، تحت شتى المعاذير، والعبث بالمنهاج التعليمية، وتطويعها، واستخدامها لزرع حواس الخنوع والذل، وحذف كثير من نصوص الأخلاق، التي تدعو للفضيلة، بذريعة تجفيف منابع الإر هاب، وتحويل الدول الضعيفة إلى مخافر أمنية، واحتلال أعلامها، وإقصاء شعوبها عن مراكز القرار، وتحدي عقيدتها، واستلاب ثقافتها، واتهامها بالتوحش والرجعية، والسكوت عن الإرهاب الغربي، وإقامة الكيانات العنصرية والطائفية والمذهبية لإضعاف الشعوب، و تمارس التمييز بكل أشكاله، وتطارد خصومها، وتحرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم وعباداتهم وإقامة معابدهم، وغير ذلك من الأسباب هي من المقدمات التي تشكل أسباباً للعنف والتطرف والإر هاب والتشدد، وردود الأفعال الشاذة وكلها صناعة غربية بامتياز. المصادر : 1- نجيل لوقا 16 : 9. و : 12 : 51. و 22 : 36. 2- هو اجابة على سؤال وردني من هذا الأخ الساكن في أوربا. 3- صحيفة الشرق الأوسط ، عدد الجمعة, 12 أبريل 2024. 4- مثلا ضرب أهداف إسرا ئيلية في البحر الأحمر ، مثل جزيرة دهلك فيها قاعدة للغواصات النووية. أو جزيرتي سنتيان وديميرا عند مضيق باب المندب فيها قواعد إسرا ئيلية. أو قاعدتي رواجبات ومكهلاوي على حدود السودان.أو قواعد مو ساد في كردستان العراق .وغيرها. 5- صحيفة الشرق الأوسط ، عدد يوم : الجمعة, 12 أبريل 2024 . مقال تحت عنوان : هل يدفع بايد ن الثمن. |