أنصفت المحكمة الاتحادية العليا شرائح واسعة من آباء وأمهات الشهداء، عبر حكمها بعدم دستورية أحد قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل الذي حجب إرث الشهيد عن والديه. وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا عن حسم عدد من الدعاوى والطلبات الدستورية خلال شهر تموز الماضي، إذ بلغ عدد الدعاوى المحسومة اربع عشرة دعوى دستورية. وقال عضو المحكمة الاتحادية القاضي حيدر علي نوري، في حديث إلى «القضاء» الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى، إن «المحكمة نظرت الدعوى بالعدد (95 / اتحادية / 2023 ) وأصدرت حكما فيها بتاريخ 16 / 7 / 2023، بمناسبة الطعن بدستورية (الفقرة 2/أ) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (1750) لسنة 1980 المعدل، التي نصت على أن (تُملّك الدار أو الشقة السكنية التي يمتلكها الشهيد قبل استشهاده باسم زوجته وأولاده، ويطفأ عنها القرض العقاري سواء كان قد أستلم قبل استشهاد الشهيد أو بعد استشهاده)، المفسر بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (914) لسنة 1986 الذي نص على ((1. تسجل الدار أو الشقة السكنية التي يمتلكها الشهيد قبل استشهاده باسم زوجته وأولاده سواء كان الشهيد قد تملكها عن طريق الدولة أو الجمعيات التعاونية أو أي مصدر آخر، 2. يعتبر هذا القرار مفسراً للفقرة (2) من قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (1750) في 29/11/1980)».. وأضاف القاضي أن «الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا انف الذكر تضمن وضمن مسببات صدوره إيجازا شاملا وكامل لأحكام الإرث من حيث أركانه (الوارث والمورث والميراث) وسببه (القرابة والنكاح الصحيح) وموجباته (سببا ونسبا وإقراراً) وشروطه (موت المورث حقيقة أو حكما وتحقق حياة الوارث والعلم بجهة الإرث) واستحقاق الورثة وأنصبتهم وحصصهم، كل حسب صفته ودرجة قرابته، واحكام الحجب وموانع الإرث في ضوء الآراء الفقهية للمذاهب الخمسة وما أخذ به قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل، مجسداً بذلك صورة متكاملة لكل ما يتعلق بالمواريث من أحكام فقهية». وأكمل أن «المحكمة توصلت في ختام تسبيبها لإصدار الحكم، إلى أن جميع المذاهب الفقهية الإسلامية الخمسة، متفقة على ان الأب والأم للمتوفى لا يحجبهم الفرع الوارث ولا يحرمون من الإرث لوجوده، وكذا الأمر بالنسبة لوجود الزوجة، كونهم أصحاب فروض وحصتهم محددة وفقا لما هو ثابت في أحكام الميراث الواردة في كتاب الله عز وجل، ولذا فأن حرمانهم من الإرث مع وجود الزوجة والأولاد للمتوفى يعد مخالفا لأحكام ثوابت الاسلام مما يعني مخالفة أحكام المادة (2/ اولا / أ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 التي نصت على ان (الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساسي للتشريع : أ- لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام)». وأشار إلى أنه وعلى أساس ما تقدم «قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية عبارة (تُملك الدار أو الشقة السكنية التي يمتلكها الشهيد قبل استشهاده باسم زوجته وأولاده) من البند (2 / أ) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل بالعدد (1750) لسنة 1980 والتصدي لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (914) لسنة 1980 والحكم بعدم دستوريته، على أن ينفذ قرار الحكم اعتباراً من تاريخ صدوره في 16 / 7 / 2023». وتابع القاضي نوري أن «مثل هذا الحكم من شأنه تعميق إفادة المتخصصين في مجال الأحوال الشخصية من القضاة وأعضاء الادعاء العام والدارسين والباحثين في مجال الدراسات العليا وطلاب العلم منها بشكل ميسر من خلال سهولة الرجوع إليه لنشره على الموقع الإلكتروني للمحكمة الاتحادية العليا وفي جريدة الوقائع العراقية». وخلص القاضي إلى أن «القضاء الدستوري في العراق ممثلا بالمحكمة الاتحادية العليا يثبت بمثل هذه الأحكام أنه المؤسسة الدستورية القادرة على حماية الدستور ومنع انتهاك أحكامه، بما تضمنته من أسس ومبادئ جوهرية، منها احكام الاسلام وثوابته والحقوق والحريات ومبادئ الديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص ودورية الانتخابات والتداول السلمي للسلطة وغيرها، نتيجة لصفتي البتات والإلزام التي تتمتع بها قراراتها، بالنسبة للسلطات والكافة، استنادا الى احكام المادة (94) من الدستور والمادة ( 5/ ثانيا ) من قانون تأسيسها المعدل والمادة (36 ) من نظامها الداخلي».
|