إذا كانت ديالى عاصمة للبرتقال، فبابل هي عاصمة التين، لكن ليس بعد الآن، فالعطش قضى على عشرات الدونمات من الأراضي المزروعة بهذه الفاكهة جراء نضوب ماء الفرات الذي يمرّ بمنطقة بني مسلم جنوبي المحافظة. وتعد منطقة بني مسلم التابعة لقضاء الكفل، من أكثر مناطق المحافظة المنتجة لفاكهة التين، كما تعد الأكثر إنتاجا على مستوى العراق، إذ تغطي 40 بالمئة من إجمالي الإنتاج المحلي من هذه الفاكهة. وأكد رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في بابل سالم عبد الله الخفاجي تضرر عدد كبير من بساتين التين في منطقة بني مسلم وعدد من المناطق المجاورة لها بسبب شحة المياه، الأمر الذي أدى إلى تقليل الحصة المائية المقررة لها. وقال الخفاجي، لـ{الفرات نيوز} إن «أرض هذه المناطق وخبرة أهلها ومجاورتها لنهر الفرات قد أوجد بساتين تحتوي على أشجار تين معمرة يتجاوز عمر بعضها (٤٠) عاماً، الأمر الذي يستوجب المحافظة على هذه الثروة الاقتصادية وصيانتها بشتى الطرق كون تعويضها يعتبر امرا شبه مستحيل في حال جفافها». وطالب الخفاجي بـ»زيادة الحصة المائية المقررة للمنطقة وإعادة فتح مياه النهر عليها والأخذ بنظر الاعتبار أنها الأفضل والأعلى إنتاجا لمحصول التين على مستوى البلد، ويتم تسويق آلاف الأطنان منها إلى باقي المحافظات في موسم الإنتاج». وفي ظل شح المياه، وتراجع مستوى الأنهر وتقليل نسبة الأراضي الزراعية، بدأت المشاكل تظهر حول مزارع التين، فلم تقطع عنها المياه بالكامل، ولم تشملها جميعها، إذ يشكو أصحاب المزارع في الناحية من سوء توزيع كميات المياه المخصصة لهم. مزارعو المنطقة أكدوا استعانتهم بمياه الآبار في بعض المزارع، لكنهم فوجئوا بتغيّر شكل الأشجار وانخفاض إنتاجها. وقال أحد المزارعين وهو باسم المسلماوي، إن «هنالك اختلافا كبيرا بين مياه الآبار ومياه نهر الفرات، كون الأول يحتوي على نسبة كبيرة من الملوحة ويحتاج الى بعض العمليات الفيزيائية ليكون صالحا للري على عكس ماء النهر العذب». وأضاف المسلماوي: «علمياً يصعب ري الأشجار التي نشأت على الماء العذب بالماء المالح كون الشجرة تتكيف مع الماء والبيئة التي نشأت بها، وهذا ما يفسر قلة إنتاج وضعف وصغر ورق وثمار الأشجار بعدما اضطر المزارعون إلى ريّها بماء البئر بعد أن كانت تروى بماء الفرات العذب منذ عدة سنوات». ما أجبر المزارعون للجوء إلى هذه الآبار المالحة، هو غلق أغلب مداخل مياه نهر الفرات إلى بساتين التين في قضاء الكفل عموما وكذلك تقليل أوقات تشغيل المضخات إلى ثلاثة أيام تشغيل مقابل عشرة ايام إطفاء، وفقاً للمسلماوي الذي لفت إلى «جفاف وموت عدد كبير من الأشجار خصوصا تلك البساتين التي تكون بعيدة نوعا ما عن النهر». وتفاقمت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، ازدادت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه. 70 بالمئة من حصص العراق المائية فقدت بسبب سياسة تركيا، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية أيضا. |