صلاح حزام تعبير وعّاظ السلاطين كان عنواناً لكتاب أصدره المرحوم علي الوردي عام ١٩٥٢، وشرح فيه كيفية تحوّل بعض رجال الدين الى وعّاظ في البلاطات الملكية يصدرون الفتاوى الدينية التي يريدها الحاكم لتبرير اعماله وتصرفاته ومنحها غطاءً شرعياً. أي اصدار فتاوى حسب الطلب! في العراق، لاسيما في الفترة الأخيرة، ظهر نوع جديد او فصيلة متحوّرة من الوعّاظ، هم الوعاظ السياسيين. هذه السلالة المتحورة من الوعّاظ تتخذ طابع الخبراء والمحللين والمستشارين ورؤساء مراكز الدراسات (التي لاحظنا ازدياد اعدادها بكثرة في الآونة الاخيرة). يبدو ان بعض السياسيين عاجز عن شرح وتقديم وجهات نظره بخصوص عدد من القضايا، لذلك يلجأ الى استئجار بعض حملة الشهادات وتكليفهم بشرح قضاياه ووجهات نظره، وأسس لهم مراكز ابحاث ودراسات كي تبدو طروحاتهم علمية مستقلة. لكن يبدو ان عمليات اختيار بعض هؤلاء المتحدثين باسمه، لا دائماً تكون ناجحة. بعضهم أساء للجهة التي يتحدث باسمها مع انه يطرح نفسه كباحث «مستقل» في الشأن السياسي! حيث ان حماس ذلك الباحث في الدفاع عن أمور لا يمكن الدفاع عنها وتبريرها، تفضح ارتباطه بها. البعض يتهافت في الدفاع والتبرير الى حد الابتذال والسقوط… بعضهم يضع نفسه موضع سخرية واستهزاء من قبل بقية المشاركين في ندوات الحوار التلفزيونية.. هؤلاء مساكين وهم في ورطة حقيقية، لأنهم بين نارين: نار المبالغ التي تدفع لهم مِن قبل مَن استأجرهم والتي يحتاجون اليها بسبب دناءتهم، ونار الحقيقة التي يحاولون تزييفها بكل ما لديهم من قوة. قسم منهم تشع الدناءة من عينيه! ولا يبدو عليه اي مظهر من مظاهر العلم والإعياء (حسب تعبير تولستوي).. لقد اخجلونا لأن معظمهم يحمل لقب دكتور، وأصبح اللقب موضع سخرية من قبل الكثير من الجهلة والرعاع الذين وجدوها فرصة للانتقاص من اصحاب الشهادات الحقيقيين والسخرية منهم! سوف اتخلى طوعاً عن استخدام لقبي العلمي لكي ابتعد عن هؤلاء.. قبحكم الله، اليس لديكم شيء من شرف المهنة؟ هل تستحق الحياة هذا الاذلال؟
|