أبو تراب كرار العاملي
حَلَّ العيد: أهلاً وسهلاً... وكل عام وأنتم بخير (مع تَتِمَّة سلسلة دعائيّة تتناسب والمقام التّعييدي) فقط هذا؟ أَلا مِنْ مزيد؟! ماذا تريد غير ذلك؟ هل من اقتراح ـ أو أكثر ـ في البَيْن تقدّمه لنا وَلِمَنْ يهمّه الأمر؟ ألا ترغب في نزهة كذائيّة رفقة العيال نلامس بها هواءً طَلِقاً، طقساً مُحَفِّزاً ومناخاً جذّاباً؟ بعد قليل من الصّمت وعدم ظهور الرّدّ الفوري: لماذا هذا التّردّد؟ هل لديك اعتراض أو تحفّظات تُفشيها لنا؟ بالطّبع لا اعتراض... بل إطلاق عبارة للتّأمّل... تالياً الخروج بفائدة: لا بأس بما تيسّر من التّنزّه لهدفٍ منشود مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه: «إلى حين» متابعة الرّياضة عموماً... وكرة القدم على وجه الخصوص دَيْدَنٌ شبابي مألوف... بل أن نطاقه يتخطّى حدود هذه الشّريحة العمريّة وأوسع من نطاق الفِتْية والرّجال: الأخوات موجودات للمشاهدة نصيبها... وللممارسات تجلّياتها زقاق شعبي... ملاعبٌ مُجَهَّزة لاستقبال الوافدين زملاء، رفاق، أصدقاء، أقارب، جيران وهواة قد يحصل التّنافس وترتفع وتيرة النّشاط وينشغل القوم في جَوٍّ من المرح ولكن «إلى حين» وَلْتَضرب ما يحضرك من الأمثلة فمصاديق إظهار البهجة متنوّعة والأمثلة متعدّدة كُلُّ امرِئٍ وما تشتهيه نفسه من الأمور المُباحَة: الذّهاب إلى النّهر في يومٍ حارّ حيث العرق يتصبّب على رِقاب العباد التّوجّه إلى حيث أمواج البحر تَنشط في عرضه تحت شمس ساطعة الالتهاء بألعاب إلكترونيّة عابرة الأماكن، الحدود وميادين التّنافس الحماسي مرافقة الأصدقاء ومشاركة الأحبّة في احتساء مشروب في منتزه هنا أو تناول وجبة في مطعمٍ هناك وما شِئْتَ فَعَدِّد... وَزِدْ في الإحصاء تنويعاً وفي السَّرْد تفريعاً ولكن... لا تُغْفِل العامِل المشتَرَك والعنصر الجامِع: «إلى حين» ففي عالم التّرفيه والاستمتاع بموارد الحياة أذواق بني البشر متشعّبة ينتج عنها تنوّع في الاختيار كلّ فرد يميل إلى ما يجذبه ويستأنس به أعمارٌ مختلفة، بلدان ومناطق، حقباتٌ وأجيال، حضارات وأديان، شرقٌ وغرب أينما تواجدتَ وشدّيتَ الرّحال... قد تصادف أساليب تسلية ونماذج للمَرَح وسُبُلاً لإظهار البهجة إلى أنّ العامل المشترك الذي يشملها جميعاً... هو كونها «إلى حين» جاء في «الذّكر الحكيم»: {وﻟﻠّﻪُ ﺟَﻌَﻞَ ﻟَﻜُﻢ ﻣِّﻦ ﺑُﻴُﻮﺗِﻜُﻢْ ﺳَﻜَﻨًﺎ وﺟَﻌَﻞَ ﻟَﻜُﻢ ﻣِّﻦ ﺟُﻠُﻮدِ اﻷَﻧْﻌَﺎمِ ﺑُﻴُﻮﺗًﺎ ﺗَﺴْﺘَﺨِﻔُّﻮﻧَﻬَﺎ ﻳَﻮْمَ ﻇَﻌْﻨِﻜُﻢْ وَﻳَﻮْم اﻗَﺎﻣَﺘِﻜُﻢْ وﻣِﻦْ اَﺻْﻮَاﻓِﻬَﺎ واﺑَﺎرﻫَﺎ واﺷْﻌَﺎرِﻫَﺎ اﺛَﺎﺛًﺎ وﻣَﺘَﺎﻋًﺎ اِﻟَﻰ ﺣِﻴﻦٍ} (سورة النحل ـ الآية ٨٠) نجد في تفسير ﴿اﻟﻰ ﺣﻴﻦ﴾: «ﻣﺤﺪود، ﻗﻴﻞ : وﻓﻴﻪ اﺷﺎرة اﻟﻰ اﻧﻬﺎ ﻓﺎﻧﻴﺔ داﺛﺮة ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻗﻞ ان ﻳﺨﺘﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻴﻢ اﻵﺧﺮة» (اﻟﻤﻴﺰان ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮان) فمن الواضح أنّ المتعة محدودة، الوقت محصور والمدّة التّرفيهيّة ليست بالمفتوحة. الواقع العملي المُعايَش يُظْهِر لنا هذه الحقيقة، والمرور على بعض تعابير «الذّكر المبارَك» يدفعنا بهذا الاتّجاه. المعنى جَلِيٌّ والمسار ليس خافياً... فيبقى أن نعتبر، نخرج بفائدة ونُحْسِن الاستثمار. الكلام يتمحور حول الجانب التّرفيهي وعبوره المُقْتَضَب في حياة المرء، وللمؤمن تعاطيه المفيد مع هذا الجانب. وعليه، نقطتان مُهِمَّتان: إحداهما: تجنّب الحرام خلال فترة التّرفيه والابتعاد عنه. فالعاقل لا يقبل بلذّة مؤقّتة... تالياً فانية، مع نتيجة رديئة تتمثّل بعقاب إلهي غير معلومة فترة امتداده. الأخرى: الاستفادة من هذه النّقاهة العابِرة بتحويلها إلى محطّة شحن تُعيد رفع منسوب النّشاط المسلكي عند المؤمن، فتكون بمثابة إعادة التّقوّي للاستمرار بالعمل الصّالح على اختلاف وجوهه. وفي هذا السّياق، لا بأس بأن ينوي الفرد هذه التّسلية «قربة إلى الله تعالى»، فيتحوّل هذا الشّقّ الزّمني ذو الطّابع الغفلوي إلى فترة مُستثمَرَة بطريقة هادفة في مسار مسلكي مُبارَك يمتدّ... ويمتدّ، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. أيّها العزيز، لا تستبدلْ نعيماً أبديّاً بمتعةٍ محظورةٍ مؤقّتة بل اجعل اليسير من الوقت العابِر أداةً مساعِدةً لتفعيل المكسب الدّائم واسْلُك مساراً ينقلك من «إلى حين» نحو «مقعد صدق عند مليك مقتدر» وللحكاية تَتِمَّة [وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ] |