كتب/ رئيس التحرير

الكهرباء في العراق لعبة تجري فصولها المتواترة المتوترة في صالة اكثر توتراً تضم الكتل والقوائم الانتخابية التي فازت في انتخابات 2014 بخلفيات توتير الشارع طائفياً ثم العودة إلى توتير البيوت.. كهربائياً!.

ليس الكلام هنا موجهاً ضد وزير الكهرباء الذي توجه إليه أصابع اتهام قوى التحالف الوطني بانه وراء توتير الساحة السياسية وإدخال الازمة في البلاد متاهات لا يمكن الخروج منها بالهيّن.. بل موجه الى «النهج» السياسي الذي تتبعه الكتل السياسية في مجلس النواب والحكومة لتعذيب المواطن سعياً لإسقاط حكومة الرئيس العبادي!.

ما نريده ان نقوله ان استمرار ازمة انقطاع التيار الكهربائي في معظم احياء العاصمة بغداد وغالبية المناطق الجنوبية العراقية هدفه تأليب الشارع ضد التحالف الشيعي وتحريض الشيعة لإسقاط حيدر العبادي!.

العبادي هو المستهدف من استمرار ازمة الكهرباء والحكومة التي يقودها في ظل التحديات العسكرية  والسياسية وتحديات دعم «الكيانات المنفصلة «هي المستهدفة ايضاً.. والرابح الوحيد في هذا كله طابور المستفيدين من قوائم وكيانات المرتبطين الى النخاع بإستراتيجية تقسيم العراق.. وهم جهات معروفة ومشهورة منذ 9 نيسان 2003 الى اليوم!.

ان الاصرار على فرض التسعيرة الكهربائية يحول المسألة من مسألة في الطاقة الكهربائية الى مسألة في تسييس الكهرباء وتحويلها الى قضية اعتراض شعبي يتصاعد كل صيف والمستهدف هو رئيس الوزراء «الشيعي» وليس وزير الكهرباء «السني».

اتمنى على رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة ان يعرف ان ثلاثة ارباع المشمولين بالتسعيرة الكهربائية كما ثلاثة ارباع المحسوبين على ساعات القطع هم من ابناء القوات المسلحة والشرطة الاتحادية والأجهزة الامنية والأهم هم ابناء وبواسل الحشد الشعبي.

في المراحل السابقة التي لم يكن فيها  « لداعش» وجود عسكري في تكريت والانبار والموصل وانهيار في طرف مهم من السيادة الوطنية، لم يكن هنالك تسعيرة بل مرت الكهرباء في مراحل رخاء ولحظات استقرار والسؤال لماذا هذا الاصرار على التسعيرة والتعمد في الاسترسال بساعات القطع الممنهج وليس المبرمج!.

ان الوزير الفهداوي يعرف جيدا ان الذي يدفعون الفاتورة الكهربائية ليسوا من ابناء الذوات او من سكنة المنطقة الخضراء من الذين تأتيهم «الطاقة» محمولة على كتب رسمية من مكتب هذا الوزير والنائب أو ذاك، بل هم «الحشديون» الذين يقاتلون في جبهات العزة والكرامة والموظفون والقطاع الخاص والقوات المسلحة والشرطة والكادحون وابناء الطبقات المسحوقة.. وهؤلاء هم المادة الاساسية للدولة والمحور و»الداينمو» المحرك للثورات والانتفاضات الثورية!.

الهدف من هذا الضغط اليومي هو مشروع بناء بيئة للثورة ومحط للمطالب وساحة للتظاهر والاعتراض والنيل من العهد الوطني الجديد وتأسيس هوّة شاسعة ومسافة واضحة بين الحكومة وبين الشعب العراقي وقد حدثت الفتنة التي ارادها هذا الطابور بالتظاهرات الكهربائية التي جرت في مدينة البصرة وحرق الاطارات والتعبيرات الجماهيرية التي عادة ما تشهدها هذه المدينة لنفس السبب من كل عام. ما اود الإشارة إليه أن المسألة سياسية وبعض الاجراءات المتخذة في اطار تقنين الطاقة الكهربائية فيها جانب سياسي وإلا لو كان هنالك اخلاص للمسألة الوطنية ومراعاة لجوانب المعركة الشرسة التي يعيشها العراقيون مع داعش لما تمكنت الوزارة المسؤولة عن الطاقة والتقنين من القيام بمثل هذه الإجراءات لأنها في حال تحقيقها فأن قطاعاً كبيراً من ابناء الحشد الشعبي سيعود الى بيوته بسبب الاستياء والانزعاج من سياسة الحكومة، لكن ذلك لم يحدث والعكس هو الذي حدث.. اذ كلما ازدادت الاجراءات الكهربائية شدة عبرالقطع المبرمج المتزايد ومشروع تبديل المقاييس الكهربائية في طريقه الى المناطق المأهولة بالحشد والثورة والبسالة ضد داعش وهو من مشاريع الفساد الكبيرة ،صمد المواطنون على مقاتلة داعش ومنازلتها في جبهات القتال.. كما منازلة دواعش الطاقة في جبهات وزارة الكهرباء!.

نحن مخدوعون بمعايير يضعها المبرمجون في لوائح الاعلام يقولون فيها ان المسألة مرتبطة بتقنين الرؤية المجتمعية للكهرباء ولتعويد المواطن على التعاطي مع المسألة الكهربائية بالمزيد من الحرص والإخلاص والتقنين.. وهنا اقول اين هي الطاقة الكهربائية التي تتحدثون عنها حتى تتحرك الوزارة على التقنين والتسعيرة.

انهم يتحدثون عن التسعيرة وهم يعلمون انها تكون قاعدة ثابتة في التعاطي المجتمعي مع الدولة حين تكون الحكومة مستقرة والدولة ثابتة وغير خاضعة للمتغيرات والتطورات العسكرية والأمنية، فكيف تفرض التسعيرة والبلد يعيش حرباً شعواء ضد «داعش» منذ اكثر من عشرة أشهر في زمن النظام الدكتاتوري السابق لم تفرض الحكومة تسعيرة على الطاقة الكهربائية ولم يكن هنالك سياسة في «القطع المبرمج» كالتي نشهدها منذ سنوات وهي سياسية مسؤولة عن تعذيب العراقيين فوق جبل المعاناة الكارثية!. ما يجري فوق التصور وإمعان في اذلال العراقيين وهم يخوضون معركة استقلال حقيقية من داعش والمتآمرين من عرب المحيط.. فمن يوقف مسلسل التآمر هذا والحكومة –وهذا هو بيت القصيد– توافق على اعادة النظر في التسعيرة وكأنها لا تعرف تلك المعاناة الكارثية في وقت تزداد ضراوة المعركة مع «داعش» ويقترب النصر من بوابات المقاتلين وتزداد بنفس الوقت حاجة الحكومة للناس!.ان التظاهرات التي  خرجت في البصرة وعدد من المدن والمحافظات العراقية ضد الاجراءات الظالمة لوزارة الكهرباء عنوان بارز لشرارة الثورة والانتفاضة الشعبية لإسقاط الحكومة وهي هدف قوى سياسية تقف خلف التقنين المبرمج والإصرار على انجاز مطلب التسعيرة!.على رئيس الوزراء ان يتنبه لسياسات بعض شركائه في الحكومة والعملية السياسية وان لا يستمر في المضي بسياسة تجنب الصدام بغية المضي قدما في تجنيب الحكومة المشكلات التي اسقطت الحكومة المالكية السابقة!.

ان رئيس الوزراء انسحب الى قضية ظاهرها «تكنوقراط» لكن جوهرها يتحرك على ايقاع اسقاط الحكومة. ايها السادة في التحالف الوطني عليكم ان تدركوا ان الوقت ليس للخلاف على رئاسة التحالف وهي قضية شكلية وان ما ينبغي العمل في اطاره تكمن في التهيؤ لإطفاء اسباب الحريق الذي سيلتهم دار الحكومة من بوابة القطع الممنهج!.