السوداني: الحكومة ماضية وفق خطة لحصر السلاح بيد الدولة قدراتنا الأمنية عالية ولا يوجد تهديد إرهابي AlmustakbalPaper.net المفوضية: البطاقة البايومترية محصنة إلكترونيا وتستخدم من قبل صاحبها حصرا AlmustakbalPaper.net القاضي زيدان يبحث مع رئيس وأعضاء جمعية القضاء عدداً من القضايا AlmustakbalPaper.net بارزاني والأعرجي يتفقان على أهمية حل القضايا الخلافية بين أربيل وبغداد وفق الدستور AlmustakbalPaper.net النزاهة تتفق مع الإنتربول على الوصول المباشر لمنظومة المطلوبين AlmustakbalPaper.net
خـرافـة مـشـروع الـسـلام الأوربـي
خـرافـة مـشـروع الـسـلام الأوربـي
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
          جون بليندر

في الوقت الذي تفك فيه بريطانيا 
روابطها مع الاتحاد الأوروبي، مع انبعاث المشاعر القومية عبر القارة الأوروبية، نجد لزاماً علينا لكي نكون واقعيين، تحدي خرافة عزيزة على قلوبنا تتسم بالغرور، هي أن هذا البناء العابر لحدود القومية، أي الخطة الأوروبية العظمى، نجح في منع نشوب الصراعات لعدة عقود.
لنقل إن الاستراتيجية الأصلية للآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي كانت ناجحة في زيادة التعاون بين دول كانت في السابق متعادية، وهي الاستراتيجية التي سعوا من خلالها إلى إيقاع الدولة القومية الأوروبية في شرك يتمثل في شبكة من العلاقات الاقتصادية للمساعدة في ضمان السلام بطريقة خفية. كان الهدف، بحسب العبارة المشهورة التي جاءت على لسان روبير شومان، وزير الخارجية الفرنسي، هو جعل الحرب «ليس فقط شيئاً لا يمكن أن يخطر على البال، بل شيئاً مستحيلا فعليا». ومع هذا جاءت هذه النية الخفية مقابل تكلفة باهظة. فقد ولد هذا في النخبة السياسية الأوروبية عادة الازدراء العميق للرأي العام والعملية الديمقراطية. خصوصا من حيث علاقة ذلك بالاستفتاءات التي كانوا يقولون عنها إن تعطي نتائج «خاطئة». كان هذا أحد المكونات الأساسية للاستياء الذي سبب صعود نجم الأحزاب اليمينية الشعبوية في الاتحاد الأوروبي. إن الادعاء الأساسي بأن الاعتماد الاقتصادي المتبادل الذي تمثل، أولاً، في مجتمع الفحم والفولاذ الفرنسي - الألماني في خمسينيات القرن الماضي، المستوحى من شومان، ومن ثم في الاتحاد الأوروبي، عمل على تطهير أوروبا من عداواتها السابقة، هو ليس فقط ادعاء خياليا، ولكنه أيضا مؤسس على سوء فهم للعلاقة بين الاقتصادات والأمن القومي.
وترجع فكرة أن التجارة توصل للسلام إلى زمن يعود إلى الفترة التي عاش فيها المنظر السياسي الفرنسي مونتيسكيو في القرن الثامن عشر. فهو الذي جادل في كتابه «روح القوانين» بأن الرغبة في الحصول على مكاسب مالية يمكن أن تكبح مشاعر التدمير الكامنة في الطبيعة البشرية. لقيت هذه الفكرة صدى عبر القنال الإنجليزي وأخذت شكل مبدأ العالمية الليبرالية الذي تبناه في القرن التاسع عشر، داعية التجارة الحرة والمناهض للإمبريالية، الإنجليزي ريتشارد كوبدين. جاءت أعلى موجة لهذا المبدأ مع نشر كتاب «الوهم العظيم» في عام 1910، للسياسي البريطاني نورمان أنجيل، الذي جادل فيه بأن التكلفة الاقتصادية للحرب هي دائماً أعلى من المكاسب التي تحققها. وفسر كثيرون نظريته بأنها تعني أن الحرب عبثية، وبالتالي لم تعد مرجحة، لكن نهاية هذا الوهم جاءت في عام 1914 (نشوب الحرب العالمية الأولى).
ومع ذلك أثبتت الفكرة القائلة إن الاعتماد الاقتصادي المتبادل يحد من العدوان العسكري أنها فكرة متينة. إضافة إلى أنها كانت ملهمة للآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، كانت أيضاً جزءا مهما من الإعلانات الرسمية لمنظمة التجارة العالمية. وهناك الكثير من الأكاديميين ممن يؤمنون بهذا المبدأ بشكل ثابت، منهم روبرت شيلر، أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل الحائز على جائزة نوبل. في الواقع يوجد في هذه الأطروحة بعض الأشياء الصحيحة. إذ مما لا شك فيه أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل يعمل على رفع تكلفة الصراعات.
لكن توجد عوامل أخرى يمكن أن تقدم تفسيراً أفضل لذلك بخصوص فترة السلام الذي جاء بعد الحرب. ففي إطار الخطر النووي، في الفترة التي تلت مباشرة الحرب العالمية الثانية، كان الشعور بوجود عدو مشترك أثناء الحرب الباردة عاملاً مساعداً في جلب فرنسا وألمانيا معاً. إضافة لذلك، سهلت مظلة الحماية العسكرية الأمريكية من كبح جماح التنافس بين الدول. وفوق كل ذلك، أصبح مفهوماً أنه لم يعد هناك رغبة لدى ألمانيا، التي عانت هزائم هائلة في الحربين العالميتين المتعاقبتين، في أن تلحق بنفسها كارثة ثالثة. وضِمن الاتحاد الأوروبي قلت جداً شهية الدخول في صراعات في المستقبل المنظور. أما بالنسبة للأحزاب الشعبوية، فيقتصر عداؤها اليوم على العولمة والهجرة وبروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، وأي شيء آخر ترى فيه تهديداً لهويتها القومية.
أما في العالم القاسي الموجود خارج الاتحاد الأوروبي، فهناك القليل مما يشير إلى أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل كان مانعاً قوياً في وجه العدوان العسكري، وأكبر شاهد على ذلك هو التدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم وشرقي أوكرانيا. وهكذا، مرة أخرى، تتغلب المشاعر القومية على المصالح الاقتصادية.
التفاعل المتبادل ذو الطابع الأعمق بين السياسة والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي يرتبط بمنطقة اليورو. هنا يثبت الاعتماد الاقتصادي المتبادل أنه وصفة لزيادة الاحتكاك بين دول الاتحاد. من الناحية العملية، ميزان القوة القديم في سياسات أوروبا أصبح مركزاً داخل اتحاد نقدي غير مستقر. لكن الفارق هذه المرة هو ظهور ألمانيا لتكون الدولة المهيمنة على هذا الاتحاد، التي تُصر على سياسة التقشف خلال الأزمة التي عانتها دول منطقة اليورو، مع استمرار سجلها في تحقيق فائض في حسابها الجاري. في ظل غياب بنية ملائمة - مثل سياسية موحدة في المالية العامة، واتحاد مصرفي كامل، والتزام متبادل بخصوص الديون - أصبحت هذه العملة الموحدة آلية لتكاثر الاختلالات المستوطنة فيها.
ولا يتوافق هذا كثيراً مع تفكير كوبدين، مقارنة بفكر جون مينارد كينز الذي جادل في محاضرة ألقاها في دبلن عام 1933، بأن التجارة الحرة المقترنة بحركة رأس المال العالمي هي وصفة لصنع «الضغوط والعداوات».
لا شك أن الاتحاد الأوروبي حقق منذ تأسيسه إنجازات كبيرة. ومع ذلك الفكرة القائلة إنه كان القوة الرئيسة لتحقيق السلام والاستقرار في أوروبا ما بعد الحرب العالمية هي فكرة مبالغ فيها إلى حد بعيد، مثلما أصبح اليوم الاعتماد الاقتصادي المتبادل المكثف من خلال العملة الموحدة، وصفة لصنع الاضطرابات السياسية والاقتصادية. النخبة السياسية في أوروبا، في الوقت الذي تتأمل فيه تصاعد شعبية اليمين المتطرف، يجدر بها ألا تنسى عدد المرات في التاريخ الأوروبي التي انتصرت فيها الهويات القومية على المصالح الاقتصادية. تظل الحرب بين البلدان الأعضاء في أوروبا أمرا لن يخطر على البال، للأسباب غير الأسطورية المذكورة آنفا. أما التراجع نحو الحمائية المدمرة فهو مسألة أخرى.


رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=21285
عدد المشـاهدات 1149   تاريخ الإضافـة 10/08/2016 - 20:22   آخـر تحديـث 10/07/2025 - 06:33   رقم المحتـوى 21285
محتـويات مشـابهة
مـجـلـس الـخـدمـة يـكـشـف عـن مـشـروعـيـن مـهـمـيـن
أميـركـا تصعـد فـي الحـرب التجـاريـة مـع الاتحـاد الأوربـي
بعثـة الاتحـاد الأوربـي تـرهـن استقـرارهـا بتحقيـق الأمـن فـي العـراق
تـرامـب يـحـفـر قـبـر «الـسـلام» فـي الـشـرق الأوســط
الـمـانـيـا تحـذر اردوغـان مـن «ابـتـزاز» الاتحـاد الأوربـي

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا