الوقت عامل مهم في التأثير على الأحداث، عموم الأحداث، بينها السياسية التي لو تم التركيز على موضوعها بقصد الايضاح، لرأينا أنه أي الوقت عامل من بين العوامل التي تحتاجها السياسة لانضاج فكرة ما أو حل مقترح، ويحتاجه السياسيون للتهيؤ والمناورة والاستيعاب. لكنه وفي الجانب المقابل عند المبالغة في الاحتياج لمستوى الاستغراق في التمدد «أكثر من الاستحقاق الفعلي» سيكون كم الأثر السلبي الحاصل للفعل السياسي المطلوب التعامل معه وايجاد الحلول له على النفوس التي تنتظر الحل كبيرا، مما يزيد من كم التعقيد الحاصل ويحول دون تحقيق الحلول المقترحة.
ولو أخذنا أزمة التغيير الوزاري الحالية على وفق فكرة التكنوقراط المستقل في عراقنا الحالي مثالا لعامل الوقت وتأثيراته على النتائج حلا أو تعقيدا، نجد أن موضوعه أخذ وقتا كبيرا، وان التأخير في البت ببعض الحلول التي كانت مناسبة في حينها أنتج تعقيدات اضافية، فعلى سبيل المثال بدأت المظاهرات وظهرت حلول، حصل في إخراج الحلول المقترحة الى حيز التطبيق تأخير أنتج اعتصامات ضاغطة، ظهرت اثرها حلول حصل في اخراجها تأخير أيضا، وهكذا وضع أصحاب الحل من السياسيين أنفسهم أمام مأزق جديد بل وأكثر من مأزق مطلوب حله: فالموقف الأمني مأزق بعد أن هدد الجمهور الوزارات واقتربوا من اقتحامها. والشراكة الوطنية مأزق بعد أن وصل الحال الى التفرد بإقالة رئيس البرلمان دون غيره من الشركاء. ومصاعب الخروج من قيد المحاصصة مأزق حيث عاود الساسة بإخراج وثيقة الشرف وتقديم قائمة وزراء من ترشيحات الكتل غير منطقية. وانقسام البرلمان مأزق اذ وعند الاستمرار في الانقسام فترة أطول ستتعطل الحياة في العراق وستنفتح أبواب لتعقيدات جديدة.
وأخرى غيرها تعد مجموعة تعقيدات اسهمت في تغيير تمنيات الجمهور وحورت من بعض أفكاره لقبول الحلول التي قد تدفعه لرفض ما كان حلا مطروحا في الأمس والمطالبة بحلول يستصعبها السياسيون اليوم فيطلبوا وقتا اضافيا للدراسة والتفكير بغية اصدار القرار، وهكذا سيطول أو يتمدد الوقت ليضيف معالم تأثير سلبي أخرى في النفوس المتعبة حتى يصل الجميع الى نقطة التقاطع أو عدم امكانية العودة الى التعقل والمنطق في ضبط السلوك الانساني. من هذا يمكن الاستنتاج أن الوقت عامل مهم واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب مهم. وان تعيير الوقت لا بد وأن يكون دقيقا. وانه في أزمات العراق وخاصة أزمته الأخيرة لم يستخدم بشكل صحيح، بعد أن أخذ التفكير بالحلول وصياغتها وقتا يكاد يكون طويلا، وبعد أن مرت الحلول المقترحة في دهاليز المناورة وقتا طويلا. والاستنتاج أيضا أن بعض سياسيينا المشاركين في العملية السياسية لم يدركوا حتى وقتنا الراهن عامل الوقت في الأزمة، ولم يعوا جيدا أبعاد الأزمة، وان استمرارهم في التجاوز على الوقت عامل تأثير في الأزمة، سيضعهم والعراق أمام مسلسل لإنتاج الأزمات المتوالية، حتى بلوغ الصدمة.