فؤاد حسون
اللغة سيدة الحضارة ، باعتبارها اروع اداة اخترعها الانسان ، هناك من يذهب الى ان اللغة من صنع الهي ، بما تعبر عن فكر ما بدقة وشمولية وعمق، وبدأت الكتابة بها قبل خمسة الاف عام وهي تعد سبعة الاف لغة ،ونادرا ما يعرف المثقف العربي شيئا ذا بال ... ويحدث اندثار اللغات عندما تحتل لغة ما ، ذات هيبة ونفوذ ، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ،مكان لغة ثانية ، هذه ظاهرة تحصل عادة لدى شعوب فقيرة وغير متقدمة ، وهي في امس الحاجة لموردها الثقافية للبقاء، وهي على رأسها اللغة الوطنية لانها فلسفة حياة. والانسان سيد اللغة وتطويرها وتكييفها لمستجدات العصر في شتى مجالات الحياة ... وهناك كم هائل من اللهجات العربية المحلية التي هي لغة الام بالنسبة للعرب ويأتي كتاب الادب الشعبي للاديب الباحث فاخر الداغري لاصداره كتابات في عمر الزمن للحاجة الماسة للدعم معنويا وكأمانة مقدسة في عنقه ، على الرغم من ان العربية هي احدى اللغات التي حملت مخزونا ثقافيا مهما الى جانب اللغات الاخرى، والمعروف ان العرب يحترمون لغتهم فعلا وهناك امثلة يحتذى بها ،وعلى هذا الاساس اتحفنا الكاتب الباحث فاخر الداغري هذا السفر في مسعاه الذي احضر التحاور مع ارث ثقافي بلغة الادب الشعبي المعبر عن كل الاغراض والمهام الوطنية ، المنوطة باللغة التي تتغذى بانتقاء التجربة. واذا ما تصفحنا وحدات الكتاب، فسنجد ان الداغري ابتنى مواضيعه عبر مستويات من خطابات تنطوي على مرتكزات متعددة قوامها علاقة الاشخاص بالمجتمع بما يكتنز من احداث على مستوى شعراء في الادب الشعبي كمدخل واسع للتعبير عن الاهداف والمرامي التي جاءت بها المقالات والمعالجات الادبية.. وان كل ما في الكتاب من مقالات ومعالجات ادبية تشي من باب الحفاظ على التراث الادبي الذي يضطلع به الادب الشعبي ولابد من الاشارة هنا الى ان مؤلف الكتاب الاستاذ فاخر، يعد واحدا من المهتمين والموروث الشعبي العراقي ، وضم الكتاب ( 67) عنوانا من حيث توزيع الوحدات والتي تشمل باقة عن شعراء في حلة من العواطف المتدفقة الريانة... ويبدو صياغته تفيض شاعرية مزدانه بالحب ... حب من ذكرهم في حالة من الاستدعاء لسردية الانسجام الفكري الموصل ببليغ القول الى اعماق الذات المكلومة عاطفيا بما يكتنز من قيم خضراء للأنا والاخر .. وهو ما يعني ارتفاع قيمة الحدث في مواجهة اندحار العواطف ووئد الامال وتلاشي المشاعر وترنح الاحلام ... وهو يكاد يستحوذ كليا على الشعراء في جو يكون خصبا لنمو الشعر الشعبي ينطوي على مرتكز واحد قوامه الشاعر الشاعر بمحبوبته في صدق عاطفته المترجم احساسه ومشاعره العذرية..اضافة الى مواضيع خصبة منطقية تقتضيها الحبكة السردية الباحثة في الادب الشعبي بمنهج الخيال في بحور الادب الشعبي ، حيث يشق الكاتب بقدرة الباحث على طرح قيم فكرية في بحور الادب الشعبي ،في لغة الاهوار ، الامومة، اهازيج الاطفال ، عن مواقع امكنة ومشاعر الحب، الصناعات الشعبية، المرأة في المثل الشعبي، محلات بغداد ، الاغاني الحية عند الكبار والهدهدة عند الاطفال ،المضيف وحكايات القمر والخسوف، وما رافق ثورة العشرين وشخصياتها وغيرها الكثير من سوالف الليل مع شخصيات شعبية ... وله1ا ينبغي ان يكون الكتاب في سياق تداولي يفتح مستوى الشعبي للقراء في فعل التواصل، ومن هنا يتداخل ويتجانس كنز التراث العراقي الناطق بالدروس والعبر والتجارب التي تنفع كثيرا على القيم بوصفها اصدق تمثيل على النهوض بالفكر في تفعيل التواصل وختاما .. نتوصل الى ان الكتاب اتسم بالحبكة التي تتمثل عضويا بمنطق التصورات الذهنية بقدرة الكاتب الداغري على التعبير ، وتمثيل ذاتية نماذج الموضوعات المتجانسة بحبكة الرواية ، ولا سيما من حيث التنوع الذاهب لمعالجة وصل الادب الشعبي كلغة تفاهم مباشر بين الناس..
|