احمد البياتي ( شاعر وصحفي)
الشاعر الذي يحاول استنهاض الوعي من الجمود والركود عند تصفحي لنصوص مجموعة الشاعر جنان السعدي (تراتيل عام مضى) قبل طباعتها احسست ان عناصر القصيدة عنده تكمن في التراكيب والصورة الشعرية والموسيقى مضافة الى تجاربه الانسانية قد ولدت عنده هذه الشعرية المتقدة والتي من خلالها تمكن من تجاوز المرئيات الى الكليات .. وتبرز القدرة الابداعية عنده عندما يسعى الى بناء النص تاره من خلال التداعي الحر او من خلال الواقع وعدم ميله الى الخطابية او التقريبية المباشرة تارة اخرى، ويسعى الى بناء نصه الشعري من خلال تموجات ذاته الشعرية التي يجعلها تعيش حالة من التجلي وهو يحلق عبر فيوضاته الشعرية الى عوالمه الخفية التي يعتقد انها رؤياه للتواصل مع الوجود رغم معاناته وحجم الاسى الذي سببته له الحياة الصاخبة ويحاول ابراز الشفافية بنظرته المتفتحة والموضوعية للحياة وتساؤلاته المستمرة عن الفرح والبهجة التي هي مقصده ، وكلما كتب الشاعر ما يظنه الافضل ، يجد بعد تجربة شعرية جديدة ما هو افضل ، ولذلك نستطيع القول ان الشعر مرأة الانسان ، ويظهر جليا تاثير الواقع والحلم والطموح على روح الشاعر حتى نسمع صوته يدوي انا هنا .. وكأنه يطلب سبل الخلاص للوصول للحلم ، للابداع لا يمكن للشاعر ان يبتعد عن التأمل والغرض الفكري في نصه الشعري .. فما وراء الجملة الشعرية حدث ، وهي لا تنشأ من الصدفة بتجرد ، فالابداع والموسيقى الشعرية والرمز والجراة والخصوبة في الصورة الشعرية كلها يقظة مثيرة ، لذلك الشاعر جنان تمكن من ادواته المجازية والرمزية والوصفية والتشبيه فهو ، يخلق صورة شعرية جميلة تمد الروح المعاصرة بالتألق والابداع ، وهي انعكاس متقن للواقع ، للحقيقة بعيدا عن الانفلات الذهني ، وعليه فان مزج الصورة الشعرية المجازية الرمزية بالعاطفة والاحساس له قيمة متقدة بالتاثير ، اذ يبقى هدف كل شاعر هو كتابة النص الشعري الذي يحقق من خلاله التواصل مع المتلقي بشكل ابداعي خلاق بعيدا عن التقريرية والخطابية الملفت في نصوص الشاعر في هذه المجموعة تلك القدرة التصويرية البارعة للمشاهد وكأنه يرسم لوحة تجريدية نفكك رموزها بتأملنا وقراءتنا العميقة كما ان هناك حس موسيقي في نصوصه اذ انه يترتب على المشاهد تصاعديا وتنازليا وكأننا نسمع سيمفونية وبذلك يخلق تناغما مع الحالة والفكرة وباسلوب غير تقليدي ولا مباشر، يركز على التفاصيل الدقيقة من حيث الشكل وهذه قدره رائعة على رسم المكان والزمان من خلال الحرف لغة الشعر مجازية تستحضر عادة الخيال والخلجات الذاتية وتكون خاضعة للتأويل بما تعتمده م نصور فنية اداتها بلاغة اللغة، وجنان في هذه المجموعة الفيته شاعرا مكينا في صياغة الرمز وعنده قدرة تأمليه فائقة تجعله يضفي على النص جمالية وقوة ووضوح ويهش القاريء باسلوبه الذي نجد فيه الكثير من العمق والجمال والمخيله الخصبة والقراءة لنتاجه فيها متعه حقيقية تنشط الفكر وتحرك المشاعر ، اذ يبدأ بتأمل عميق للمكان والاحداث والظروف بكل تفاصيلها بطريقة توحي بانه يبحث عن افكار جديدة ويستثمر قدرته على تصوير التفاصيل بكل حرفية ودقة وذكاء من اجل الخروج من هذا الواقع البائس المفروض علينا وكانه يبحث عن الحقيقة ع الخلاص من هذا الضجر المؤلم لواقع مرير ممتلئ بالهم الثقيل ، ليس من السهل مكاشفة الذات بما تعاني من اوضاع سلبية لا سيما على الصعيد النفسي او المعنوي نتيجة ضغوط خارجية قاهرة تحيط بها ، وتهمش الجانب الايجابي من ذلك الصعيد الذي يمثل جانبا مهما من تشكيل الذات ووجودها في العالم كانت نصوص هذه المجموعة خطوة نوعية في تجربة الشاعر جنان السعدي اضافت له خصوصية فنية ذات قيمة فكرية. |