كاظم فنجان الحمامي
اختلطت علينا الأوراق ولم نعد نفهم ما يجري داخل البرلمان وخارجه. فقد تشابكت علينا تفسيرات المواقف المفاجأة التي عصفت بكل شيء تقريباً، والتي تفجرت في مرحلة حرجة تهددنا وتهدد مصيرنا، فهل تسربت فيروسات الفوضى إلى السقيفة التي يجتمع فيها العقلاء والحكماء؟ وهل الثورة التي أعلنها البرلمانيون تعني التمرد على الدستور، وعلى الكيانات السياسية التي خرجوا من جلبابها؟ أم إننا دخلنا من حيث لا ندري في نفق مظلم جديد، وانزلقنا في منزلق خطير نحو هاوية التفكك والانقسام. فما أن أعلن الدكتور سليم الجبوري تأجيله التصويت إلى يوم الخميس، حتى شهدت قاعة البرلمان بعض المواقف المتناقضة مع التناقض نفسه، فقد وقف بعض نواب دولة القانون مع النواب المعتصمين، وكانوا يطالبون بإقالة الرئاسات الثلاث، وكأنهم يريدون العودة بنا إلى المربعات التي سبقت المراحل الفوضوية الأولى، ولا ندري كيف تضامن بعض نواب دولة القانون للمطالبة بالإطاحة برئيس الوزراء الذي ينتمي إلى البيت الذي ينتمون إليه؟ ثم كيف تقاربت وجهات النظر لبعض الكيانات السياسية المتنافرة والمتناحرة؟ وكيف اتفقوا على إعلان الرفض المطلق لكل الثوابت التي اختلفوا عليها فيما مضى؟ وهل الانقلاب الذي يعلنه المعتصمون الآن موجه ضد الفساد والاحتكار والمحاصصة الطائفية، أم إنه موجه ضد رئيس الوزراء بعينه، بقصد التخلص منه إلى الأبد تمهيدا لعودة من يرونه مناسباً؟. وهل الإصلاح يعني التمرد والانفلات والفوضى؟ وهل أصبح السيد العبادي هو المتهم الوحيد في هذا البلد الذي عصفت به عصابات الفساد والإفساد؟ أم إنها مجرد تمثيلية واضحة المعالم تنذر بالشؤم والشر، وتحمل لنا ما لا يخطر على بالنا؟. أغرب الغرائب، وأعجب العجائب، إن أبطال التردي والتدهور الذين عرقوا في مستنقعات العملية السياسية الفاشلة، أصبحوا اليوم هم الذين يتغنون بشعارات العفة والنزاهة، وهم الذين يتعمدون استغفالنا، والضحك علينا بأساليبهم الرخيصة المكشوفة، والحديث ذو شجون. |