المستقبل العراقي / نهاد فالح
الفلوجة لم تتعاف من الحرب الامريكية على العراق، ولا احد يمكن ان يجادل على انها تحمل فرصة هذه الايام لاستعادتها اكثر من اي وقت مضى. كانت المدينة المتربة ذات الحجم الجغرافي المتوسط، بؤرة للصراع بين القوات الامريكية والارهابيين الذين دخلوا العراق بعد عام ٢٠٠٣، فقد خاض الطرفان معارك دموية بدأت حينما قام مسلحو تنظيم القاعدة في عام ٢٠٠٤ بحرق جثث اربعة حراس من شركة بلاك ووتر الامنية في الفلوجة. وحتى بعد سنوات من الهدوء النسبي الذي شهده العراق، يُنظر الى الفلوجة بعين الريبة والشك والعداء من قبل بغداد وواشنطن. خضعت الفلوجة لسيطرة داعش في اليوم الاخير من العام ٢٠١٣، فيما استعادة القوات الامنية العراقية مدينة الرمادي، والى الشمال ايضاً حيث مدينة تكريت وسنجار اللتان تم استعادتهما بفضل مساعدة القوات الامريكية، فيما بقت مدينة الموصل تنتظر عملية تحريرها في الوقت الذي تتحشد القوات الامنية والمقاتلين الاكراد في مدن قريبة من الموصل تحضيراً لاستعادة السيطرة على المدينة. وكانت منظمة حقوق الانسان، قد خرجت بتقرير نشرته هذا الاسبوع، تقول فيه ان فشل القوات الحكومية العراقية في مواجهة مسلحي داعش جعل اهل الفلوجة محاصرين في المدينة وهم يعانون من غلاء الاسعار بسبب شحة المدخولات الغذائية الواصلة الى المدينة، فكيس الطحين يبلغ سعره الآن ٧٥٠ دولار بينما كان سعره لا يتجاوز ١٥ دولاراً، وفقاً لمنظمة «هيومن رايتس ووتش». ويعترف مسؤولون امريكان، ان تركيزهم اليوم منصب على استعادة السيطرة على الموصل، مكتفين هؤلاء المسؤولين بحسب تعبيرهم، باستعادة الرمادي التي يعتبروها خطوة رمزية، فضلاً عن استعادة مدينة سنجار التي شهدت عمليات ذبح جماعية طالت الايزيديين. جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، اشار الى ان القوات العراقية اكتسبت الارض ضد مسلحي داعش، ولم تكن تصريحات كيري التي اطلقها يوم الجمعة الماضي، تتحدث عن امكانية تحرير الفلوجة، مكتفياً بالقول ان «تنظيم داعش في موقف دفاعي الآن، لكنه مستمر بإلحاق المعاناة بالاهالي». وأكد كيري، ان واشنطن تشاطر رغبة رئيس الوزراء العراقي في تحرير الموصل، معتبراً أن تحرير المدينة من اولويات الولايات المتحدة الان. الكولونيل المتقاعد أنتوني دين من الضباط الذين ساعدوا القوات الامريكية على إقناع رجال العشائر السنية بمحاربة تنظيم القاعدة في عام ٢٠٠٧، مما تحولت دفة الامور لصالحهم تحت تشكيل عسكري اشرفت عليه الولايات المتحدة اسمه «الصحوة السنية»، يقول الكولونيل أن «الفلوجة محنة مستمرة حتى إن تحررت المدن المحيطة بها، ناهيك عن عدم إعارة بغداد وواشنطن اي اهتمام لها». وبين الكولونيل وهو صاحب كتاب اسمه «خارطة طريق للسلام في اخطر مدينة بالعراق»، بغداد وواشنطن اذا كانا جادين في الخلاص من داعش، عليهما ان يذهبا لتحرير الفلوجة اولاً. إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس محافظة الانبار صباح كرحوت عن موافقة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة على تشكيل اربعة افواج قتالية من ابناء مدينة الفلوجة للمشاركة في عملية تحريرها. وقال إن «رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وافق على تشكيل اربعة افواج قتالية من ابناء مدينة الفلوجة للمشاركة بعملية تطهيرها من “داعش” الاجرامي، وتسليح هذه الافواج من قبل الحكومة الاتحادية”. واضاف ان “الجهات المعنية فتحت باب التطوع من اهالي مدينة الفلوجة للانخراط بهذه الافواج من اجل تهيئتها وتسليحها بأسلحة متطورة”، مبينا ان “المتطوعين سيدخلون جميعهم معسكرات تدريبية في معسكر الحبانية العسكري، وفق خطة اعدتها القيادات الامنية للمضي قدما بتهيئة كافة المستلزمات للمتطوعين من اجل الاسراع بتحرير المدينة”. واشار كرحوت إلى أن “موافقة العبادي اصبحت سارية المفعول بالنسبة لفتح باب التطوع والتدريب لأهالي المدينة”. |