هادي عباس حسين
اني نسيت اين وضعته كان ذلك في الايام الاولى من الشهر الفائت , والشمس قد ودعتني مسرعة الى ليل اسود مبهم ونجوم السماء يصارعن الغيوم , فقد انزويت الى غرفتي المربعة الشكل والتي امتلأت بحاجياتي المبعثرة هنا وهناك لم يبقى لي مجال الا ان افترش فراشي الذي يبقى اياما معدودة على وضعه ولو تذكرت سهاد حفيدتي ان تغير مكانه ,كل شيء كان مقبولا بين ثنايا المكان الي اعتبرته ورثا لي كما وصى ولدي ابى سهاد قبل موته عندما وجدته ينادي على افراد العائلة قائلا لهم _ هذه الغرفة تبقى لامي ولا احدا يخرجها منه ... كان هذا الكلام مر عليه خمس سنوات , وبالفعل لم اجد احدا يتدنى من مكانيي هذا ,اه لقد تعبت ذاكرتي والصور تعاد بين حين وآخر تنفست الصعداء وأخذت شهيقا طويلا كأنه محملا بالهموم قائلة _ المفتاح هو سري الاول والأخير ...اين وضعته لا اتذكر ؟ كان هذا جزء مهم في حياتي التي اعتبرها مكملة لمسيرة طويلة ثمانون عام وما زلت انعم بصحة وسلامة من الله سبحانه وتعالى ,كم شتاء مر وكم من امراض سرت في اجساد غيري وانا واقفة صامدة وهذا كرم رباني ان شملت برعاية وحفظ الله سبحانه وتعالى ,لانني مؤمنه بان كل شيء هو من عند الله , حتى ولدي ابى سهاد يوم ودعته بدموع حارة قلت له _ افهم يا بني ان وعد الله حق ... كان اخر اولادي الثلاث الذين ودعتهم وعيني تفيض بالدمعات , كنت احبهم حبا لا يوصف وأحبوني كذلك لانني اعتنيت بهم واهتممت بكل واحد منهم ولم اتاخر عن مساعدة اي منهم ,لكن ان يتركوني وحيدة هذا كان امر الله ولا اعتراض عليه ,صحت بصوت عالي _ سهاد انت يا سهاد ..؟ وجدتها تقف امامي قائلة لي _ ماذا تريدين يا جدتي ...؟ يا للعنة الزمن نسيت في بادئ الامر عن سبب مناداتي لها لكني تذكرت عندما نظرت الى الصندوق الخشبي فقلت لها _ اتعلمين اين وضعت مفتاح هذا الصندوق ...؟ بقت متمعنة في وجهي وقالت _ انه عندك معلق في رقبتك مع قلادتك الذهبية ... تلمستها وشعرت بفرح يغمرني وأجبتها _ انه مفتاح صندوقي الخشبي .. كنت اتمنى ان افتحه امامها لكنني خشيت ان اصاب بحسد العيون وأولها عيون حفيدتي سهاد....
|