حسن الكعبي لم يعد دور السعودية وقطر في صناعة الارهاب وتصديره خافيا او انهما تتنكران له بل ان هذه الصناعة تبدو في سياق ممارسة هاتين الدولتين وفي سياق تصريحاتهما مبررة تماما وان هذه الصناعة تكتسب شرعيتها في سياق تصوراتهما من خطر مزعوم هو (خطر التشيع)، وفوبيا التشيع وانتشاره يسيطران بالكامل على مملكة الشر السعودي التي تمتلك تاريخا من الاستعداد للتصدي لفرية الخطر الشيعي كما تمتلك تاريخا من تطوير الارهاب كآلية للدفاع وصد هذا الخطر المزعوم على خلاف دولة قطر التي دخلت مؤخرا حليفا للسعودية في صناعة الارهاب وتحت الذريعة ذاتها، اي ذريعة الخطر الشيعي والتصدي له. ان دور السعودية في صناعة الارهاب هو دور تاريخي بوصفها مهد تشكل اول مذهب ارهابي معاصر في العالم وهو المذهب الوهابي التكفيري المعروف بتوجهاته في زرع الفتنة بين المذهبين السني والشيعي وخصوصا في العراق الذي يعتبر حاضنة اساسية للتشيع. ومع صعود الثورة الايرانية بطابعها الشيعي وتصدرها للحكم توجهت السعودية بكامل عدتها الارهابية لإسقاط هذا الحكم في سياق لجوئها الى دعم حكومة البعث في العراق لإشعال فتيلة حرب الثمان سنوات المعروفة والتي اطاحت بمقدرات العراق الاقتصادية ولم تؤثر على ايران ودول الخليج بشكل كبير نتيجة غنى هذه الدول واعتمادها الكبير على مواردها الطبيعية والصناعية قي دعم اقتصادها وظل العراق المتضرر الاكبر في هذه الحرب التي شكلت رد فعل اجتماعيا كبيرا ضد حكومة البعث لم ينته إلا باسقاط هذه الحكومة وصعود حكومة جديدة بمكون شيعي, ورغم ان هذه الحكومة لم تمثل الشيعة إلا بالنسبة المذهبية ولم تقدم للمكون الشيعي او المكون السني مقومات الحياة الاجتماعية المطلوبة إلا ان قيام هذه الدولة عزز هاجس التخوف السعودي ودفعها لتطوير اسوأ اشكال الارهاب الذي تمخض عن تشكيل تنظيم داعش الارهابي وزرعه داخل العراق بالتزامن مع زراعته داخل سوريا ومن ثم تصديره الى لبنان والبحرين واليمن كمراكز للتجمع الشيعي. اعتمدت السعودية وحلفاؤها في هذه الصناعة المشؤومة على زرع الفتنة الطائفية من خلال إحداث تفجيرات وقتل جماعي لأبناء المذهب السني وإلصاق هذه الجرائم بالشيعة تمهيدا لدخول عناصرها الارهابية المصنعة في معامل امراء النفط، بمعنى ان رعاية هؤلاء للارهاب وصلت الى حدود التضحية بأرواح ابناء السنة الذين اتخذتهم ذريعة لصناعة الارهاب ونشره في العالم العربي عموما وفي العراق بشكل اخص. ولم تتوقف حدود هذه الصناعة على داعش فقط بل عمد امراء النفط الى صناعة الارهاب الاقتصادي والنفطي وخلق ازمات داخل الدول ذات الاعتماد النفطي لإضعافها اقتصاديا وبما يصب بمصلحة سيطرة الارهاب داخل هذه الدول والازمة الاقتصادية التي تعانيها معظم الدول العربية هي مثال على سياسة الارهاب المزدوج الذي تعمل السعودية على تصديره بهذا الشكل الجنوني والهستيري الذي بلغ حدود قمع حتى الاصوات الفردية واقصائها كما في حادث رجل الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر الذي اعدمته السلطات السعودية بعد ان عبر عن رفضه للسياسة العدوانية المتبعة في مملكة الشر. إن الإقدام على اعدام هذا الرجل يأتي في سياق هاجس التخوف من الامتداد الشيعي وحسب، ولذلك فان اعدام الرجل لم يكن مبررا وهذا ما يفسر استنكار معظم الدول العربية وغير العربية لهذا الفعل القمعي المشين والذي لم يقر بشرعيته سوى بعض القنوات الاعلامية المصرية التي اعتبرت هذا الفعل بمثابة حماية للدولة من تهديدات كبيرة للاطاحة بالمملكة في اشارة الى ان الرجل لم يعبر عن رفضه للسعودية بصيغة فردية وانما كان يعبر عن رفضه في سياق دعم دولي له وتحديدا ايران وبعض الاطراف في العراق, رغم ان مصر كانت عرضة للتصدير الارهابي من قبل السعودية الا ان هذه القنوات لم تعبأ بحياة مجتمعها والاضرار التي لحقت به من جراء جرائم داعش. ان المشكلة الاساسية لا تكمن في التصدي للارهاب والحرب عليه بقدر ما تكمن في التصدي لمواطن تصنيعه، الامر الذي يستدعي اتخاذ قرارات كبرى من قبل جهات القرار الدولية خصوصا بعد ان اصبح الدور السعودي في صناعة الارهاب وتصديره معروفا لدى الجميع وإلا فان الصمت وغض الطرف عن هذه الصناعة يمثل دعما كبيرا وشراكة اكبر في هذه الصناعة المشؤومة.
|