تحتفل الشعوب بعيد النوروز أو عيد الربيع من الآلاف من السنين احتفاء بموسم الخصب والاخضرار والدفء ففي مصر يسمى عيد شم النسيم وعند الأمازيغ يسمى عيد «ثافسوث»، فيما اقترن هذا العيد عند العمانيين بالبحر الذي يعتبر مصدر رزقهم. والنوروز هو أول يوم في شهر فروردين بالسنة الشمسية الفارسية، والذي يتزامن مع بداية فصل الربيع، ويقوم الإيرانيون بتزيين المنازل وإعداد السفرة لليلة العيد، كما يقوم الناس بشراء الملابس الجديدة، فيلبسون الثّياب المزركشة والزّاهية، ويخرجون إلى المنتزهات للاستمتاع بجمال الطبيعة. ويحتفل بعيد النوروز حوالي 300 مليون في مختلف بقاع العالم منهم الإيرانيون والأكراد، والأتراك والتركمان والكازاخيون والألبانيون والأذريون والمقدونيون وغيرهم. وتتعدد أساطير قصة النوروز القديمة، إحداها قد دونها الفردوسي أبوالقاسم منصور في كتابه الشاهنامة، وتزعم أن الملك جمشيد استطاع إنقاذ الجنس البشري من فصل الشتاء الذي كان مقدرا له أن يقتل كل الكائنات الحية، وقد قام جمشيد بتشييد عرش مرصع بالألماس، ثم رفعه الجن إلى السماء، وهناك جلس على عرشه كالشمس في السماء، ثم تجمعت جميع المخلوقات حوله، فسمي هذا اليوم بالنوروز، وهي كلمة فارسية تعني اليوم الجديد. وتقول أسطورة كاوا الحدّاد أن هناك ملكا آشوريا قد لُعن هو ومملكته لظلمه الشديد حتى أن الشمس رفضت الشروق فكان من المستحيل نموّ أي غذاء. ومن لعنة الملك أنه كانت لديه أفعيان على كتفه فكلما جاعتا شعر بألم شديد ولا ترضيان طعاما إلا أدمغة الأطفال، فكان يقتل طفلين من القرى المحلية كل يوم لإطعامهما. الحدّاد كاوا كان قد فقد 15 طفلا من أطفاله الـ16 لإرضاء أفاعي الملك ولعنته. وعندما وصله الخبر بأن آخر أطفاله وهي ابنته الصغيرة سوف تُقتل قرر إنقاذها بأن يضحي بخروف ويعطي دماغ الخروف للملك ويقوم بتخبئة ابنته. عندما علم أهل القرى أن خدعة كاوا نجحت بدأوا بتطبيقها وإرسال أطفالهم إلى الجبال مع كاوا. بعد مدة من الزمن صار عدد الأطفال مع كاوا عظيما فشكل من الأطفال جيشا ونزل من الجبال واقتحموا القلعة وقام كاوا بقتل الملك بيده.ولإيصال البشرى إلى الأهالي قام كاوا بإيقاد نار عظيمة في مشعل كبير فأضاءت السماء وأشرقت الشمس من جديد وأزهرت الأرض، وكان يوم النوروز الذي يعني حرفيا “اليوم الجديد” أو “الضوء الجديد”. وتستمر الاحتفالات بعيد النوروز ثلاثة عشر يوما تنقسم إلى مراحل مختلفة، فقبل نحو أسبوعين من النوروز يزرع الإيرانيون حبوب القمح والشعير أو العدس في صحن صغير وتترك حتى تنبت. وتبدأ المرحلة الثانية في ليلة آخر أربعاء من السنة، حيث يتم في هذه الليلة التي تعرف باسم ليلة “جهارشنبه سوري” إشعال نار والقفز فوقها مع ترديد عبارة تقليدية “لك شحوبي ولي حمرتك” حيث يلقون بعيوب فصل الشتاء بما فيه من أمراض ويأخذون القوة من النار لاستقبال الربيع وهم يتناولون أفضل الأطعمة والمكسرات. وفي يوم النوروز يجتمع الناس حول سفرة “السينات السبع”، يقرؤون من كتاب الفردوسي، الشاهنامة، أو من ديوان حافظ أو من القرآن الكريم وينتظرون حلول رأس السنة الجديدة، وعند اقتراب الموعد يبدأون العدّ التنازلي من عشرة إلى الصفر، حيث يرتفع دوي طلقة مدفع يرمز إلى حلول العام الجديد.
|