نجاح العلي يمتاز المجتمع العراقي بالحضور القوي لدور المرأة وخاصة الام والزوجة في ادارة شؤون العائلة وتنظيمها والتخطيط لمستقبلها فضلا عن دورها في سوق العمل والوسط الوظيفي في دوائر ومؤسسات الدولة، ولعل اهم تغير ايجابي طرأ على حياتها تخصيص كوتا نسائية في مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات بما لا يقل عن ثلث المقاعد فضلا عن تبوئها لمناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003، لكن هذه الامور لم تعطها الا النزر اليسير من حقها، خاصة مع استمرار الاضطرابات السياسية والامنية والصعوبات الاقتصادية في ظل سياسة التقشف الحكومي الاضطرارية جراء انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية والذي دفع بالمرأة العراقية الى سياسة شد الحزام وضغط النفقات بما يتلاءم وضرورة المرحلة، وهو امر ليس بجديد عليها فقد مرت بأسوأ من ذلك في ايام الحصار الاقتصادي البغيض الذي فرض على العراق ابان فترة التسعينيات وما تسبب به من شظف العيش في ايام سوداء نتمنى ان لا تعود لكنها اخرجتنا من الازمة اقوى واكثر حرصا على الاستفادة من مدخراتنا بما يتناسب وضرورات المرحلة. ومن حق المرأة العراقية علينا ان نهنئها مشاركتها مع سكان المعمورة بعيد المرأة العالمي في الثامن من آذار من كل عام، فقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة عام 1977 قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من آذار, وتحول هذا اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن مع اقامة احتفاليات رسمية وشعبية احتفاء بها وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم، ولمَ لا وهي تستحق اكثر من ذلك. تحية لنساء العراق المضحيات اكثر من بقية شرائح المجتمع الاخرى وخصوصا الارامل اللائي بلغ عددهن بحسب بيانات الامم المتحدة ثلاثة ملايين امرأة، فرضت الظروف القاهرة عليهن مهمة تربية الاولاد وادارة شؤون المنزل والدخول الى سوق العمل في ظرف صعب وحساس ويحتاج الى سن تشريعات وقوانين لإنصاف المرأة بما يحافظ على كيان الاسرة وتماسكها ويصون كرامتها، وهذا الامر ليس منة من احد عليها وانما هو حق لها كفلته الاعراف والشرائع السماوية والوضعية بما يحافظ على تماسك المجتمع وتقدمه. كما لاننسى دور المرأة المحوري والمحرض على المشاركة في التظاهرات التي تطالب بالاصلاح، فنجدها في المقدمة دوما تستنهض الهمم وتدعو الى محاربة الفساد والمفسدين والمحسوبية والفشل المالي والاداري والاعتماد على مبدأ النزاهة والكفاءة والخبرة في تبوئ الوظائف العامة بغض النظر عن الجنس والعرق والدين والمذهب والقومية، فالاصلاحات يجب ان لا تقتصر على الجانب السياسي فقط، بل من المهم والضروري ان يشمل الاصلاح الجانب الاجتماعي بشكل جذري بانهاء النظرة القاصرة والدونية للمرأة من قبل البعض، وبما لا يتلاءم وروح العصر والواقع الذي نعيش فيه والذي اثبتت فيه كفاءتها ورجحان عقلها للتفوق في احيان كثيرة على الرجل وصدق من قال: «عظمة الرجل من عظمة المرأة وعظمة المرأة من عظمة نفسها».
|