احتضنت مدينة الزبير جنوب العراق فعاليات المزاد السنوي للحمام، والذي يقام بمشاركة أكثر من 100 مرب للحمام من شتى محافظات العراق وآخرين من دولة الكويت. وتعتبر تربية الحمام في العراق هواية تجتذب الكثير من العشاق، لكنها تمثل أيضا مورد رزق وتجارة رابحة للكثير من العاطلين عن العمل. وقال المشرف على المزاد نمير علي القيسي إن هذا المزاد يعد الأكبر من نوعه على مستوى العراق وبمشاركة مربي وهواة الحمام من محافظات الوسط والجنوب والفرات الأوسط، إضافة إلى مشاركة فعالة من دولة الكويت. وأضاف القيسي أن المزاد احتوى على أكثر من 40 صنفا “فاخرا” والتي تتراوح أسعارها حسب المزاد ما بين مليون وأكثر من 25 مليون دينار عراقي (22.500 دولار أميركي) للطير الواحد. من جانبه، أشار مسؤول في المزاد إلى أن هذا المزاد مخصص للحمام “اللوات” الذي يقاوم الرياح القوية خلال الطيران ويطير لمسافات طويلة من دون توقف ويقلب نفسه في الهواء. ويختلف الحمام “اللوات” في مظهره وقدرته على الطيران عن حمام الزينة الذي يتميز بألوانه الزاهية وكثافة الريش ولا يؤدي حركات خلال طيرانه، ويغلب الظن أن حمام “اللوات” ينحدر بالأساس من سلالة واحدة، ويحدد سعر الطائر من هذا النوع على أساس نوعية الحركات التي يؤديها خلال طيرانه، إضافة إلى قدرته على تحمل الرياح. تتراوح أسعار حمام (اللوات) في المزاد ما بين 900 دولار أميركي إلى أكثر من 22.500 دولار للطير الواحد بحسب الحركات التي يؤديها خلال طيرانه، إضافة إلى قدرته على تحمل الرياح ويطلق هواة تربية الحمام على طيورهم أسماء غريبة ولكنها شائعة بينهم لتمييز كل طائر عن الآخر، فعلى سبيل المثال يطلقون اسم “أركم” على الطائر اللوات الذي يوجد ريش أبيض أسفل ذيله، واسم “مسبوك” على الطائر الذي توجد ريشة بيضاء أو أكثر في جناحيه، واسم “صخري” على الطائر الذي يكون لونه زهريا، كما أن بعض المربين يطلقون أسماء خاصة لا تقل غرابة على طيورهم المميزة تعبيرا عن اعتزازهم بها وافتخارهم باقتنائها. وتطورت ظاهرة تربية الحمام من هواية شائعة في العراق تجتذب الكثير من العشاق إلى تجارة رابحة، رغم النظرة السلبية من المجتمع تجاههم أو كما يصطلح عليهم باللغة الدارجة العراقية “المطيرجي”. ويقضي كريم كاظم شنشول، أحد مربي الحمام في مدينة الصدر ببغداد معظم ساعات النهار فوق سطح منزله الذي شيد فيه بيتا صغيرا يناسب معيشة حمائمه البالغ عددها نحو الـ120 حمامة بمختلف أجناسها وتسمياتها وأسعارها. ويقول شنشول وعيناه ترصدان في الآفاق خفقان أجنحة طيوره التي كانت تحوم من حوله “أقضي معظم ساعات النهار مع حمائمي، وهي أحيانا تمثل مصدر رزقي بعد تكاثرها وبيعها”. ويضيف شنشول وهو يلوح فوق سطح منزله بقصبة ثبت على أحد أطرافها قطعة قماش بيضاء لحمل سرب حمامه الطائر على الاستمرار في الطيران على ارتفاع أعلى، قائلا “هواية تربية الحمام أصبحت شائعة في هذه المنطقة بسبب تفشي ظاهرة البطالة بين الشباب”، موضحا أنه لم يكن هناك في وقت سابق سوى القليل ممن يقوم بتربية الحمام “أما اليوم فلا تجد بيتا يخلو من تربية الحمام”.وعن نظرة المجتمع المنتقصة من شأن مربي الحمام أو “المطيرجي”، يكشف شنشول أن المجتمع ظلم هذه الفئة بهذه النظرة السيئة، “فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى مجتمعنا، ولعلها تعود إلى سلوك بعض المطيرجية في رمي قطع الحجارة وقضاء أوقات طويلة على أسطح المنازل التي يطل بعضها على الآخر في بعض الأحياء الشعبية القديمة”. ويقول إبراهيم صاعقة “أربي الحمام منذ العشرات من السنين حتى اقترن اسمي بالحمام، فاسم صاعقة هو اسم حمامة زاجل كنت أمتلكها وفازت بأكثر من بطولة خلال سنة واحدة ولا يزال أحفادها تحصد البطولات، لذا يلقبني المربون بإبراهيم صاعقة”. |