السوداني: ضرورة التزام سائقي الشاحنات بالوزن المحدد وتطبيق قوانين الحمولة الزائدة AlmustakbalPaper.net السيد الصدر يدعو لفتح حوار مع الجارة التركية لزيادة حصص العراق المائية AlmustakbalPaper.net وزير الداخلية: ماضون بدعم الشرطة المجتمعية وتطوير قدراتها وتوسيع دوائر نشاطها AlmustakbalPaper.net رئيس هيئة الإعلام والاتصالات: التوقيع الإلكتروني خطوة استراتيجية نحو عراق رقمي آمن AlmustakbalPaper.net الدفاع المدني: التعاقد مع ثلاثة مناشئ عالمية لتصنيع مركبات تناسب الحوادث بالعراق AlmustakbalPaper.net
قصيدة حقد واحدة
قصيدة حقد واحدة
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
هيثم الزبيدي 

وقف الأب، في مناسبة اجتماعية جرت مؤخرا، فألقى قصيدة عن الحب والغزل. تجاوب الأصدقاء من الحضور بشكل ملحوظ وعمّ التصفيق المكان.
وقف الابن، فأذّن في الناس أوّلا ثم ألقى خطبة دينية تصلح بالتأكيد لمنبر جامع ولكن ليس لعرس. كانت مشاعر الحضور مختلطة بين التجاوب مع ما هو محسوب على الدين وما ألفوه من احتفال وبهجة يصاحبان مثل هذه المناسبات.
المشهد المتناقض بين قصيدة الغزل الجميلة للأب وخطبة الابن ربما يلخّص الأزمة الكبيرة التي نعيشها اليوم. جيل من الآباء عاش عصرا جميلا كان للشعر فيه مكانته وروحه. وجيل من الأبناء صار لا ينظر إلى الحياة إلّا من خلال الموشور الديني المتزمت.
لعل ما يزيد تعقيد المشهد أنه حدث ويحدث في عاصمة غربية. المشهد أكثر سوداوية في الكثير من عواصمنا العربية.
هذه إشكالية كبيرة. كيف يمكن التوفيق بين جيلين يفترض نظريا أن الأول أقلّ تقدما ومعاصرة وينتمي إلى عصر المسلّمات المطلقة وما قبل تكنولوجيا المعلومات والإعلام الحر، والثاني أكثر حداثة افتراضا؟ جيل أول متسامح وأكثر انفتاحا ومرونة، وجيل لاحق منغلق وصارم ومنفصل عن الواقع؟ جيل الأحلام والرقيّ، وجيل الكوابيس؟
ما الذي يجعل الآباء أفضل من الأبناء؟
إنها ثقافة الحياة في مواجهة ثقافة الآخرة. الحياة حق والآخرة حق. ولكن لسبب ما قرر البعض تقديم حق الثانية على الأولى.
انسحبت ثقافة الحياة من حياتنا خلال العقود الثلاثة الأخيرة. في السابق كان كثيرون يذهبون إلى المكتبات أو معارض الكتب لشراء ديوان شعر، لبدر شاكر السياب مثلا. كان الشباب في ذلك الزمن يقرأون الشعر، شعرهم أو شعر الآخرين لبعضهم البعض.
شباب اليوم لا يشترون الكتب أصلا أو يقبلون بنهم على كتب الغيبيات والأدعية والإفتاء. حلّت حلقات الدروس الدينية بدلا من حلقات الشعر. حلّ الإفتاء في كل شيء بدلا من كتابة بيت شعر في كل شيء.
الشعر متنفس فكري. هو أقرب شيء للموسيقى التي لا تحتاج إلى لغة لكي تنتقل من دون تحفظ بين الثقافات. سيبقى فهمك محدودا عن ثقافة شعب طالما تعسّر عليك فهم قصائد شعرائه. القدرة الوصفية لشعراء البلد هي التجسيد لمدى رقيّ الشعب في عصر ما. إنه بارومتر صحّة المجتمعات.
حركة الشعر كانت حركة المجتمع. الانفتاح وتأسيس الطبقة الوسطى وازدهار الإنتاج الثقافي والتعليم كلها انعكست على لغة الشعر وذائقة الناس الشعرية. حتى القصائد “الوطنية” كانت تتغزل بالأوطان، بنهضتها وإخفاقاتها وهزائمها.
لغة الحياة هذه لم تكن لتروق لأصحاب المشاريع الدينية. أول من كُفّر كان الشعراء. زحف الخطاب ليستأصل الشعر من حياتنا ويستبدله بالوعظ والإفتاء، ثم بالترويع والقتل. الحداثة في العالم العربي صار لها مفهوم آخر يمسك بناصية التقنية الحديثة ويتحدث بلسان قرون سابقة. تويتر، الحاملة التكنولوجية التي تبدو وكأنها صنعت للشعر بقصر جملتها وتكثيفها، صارت منبرا لفتاوى الحلال والحرام وإلى التكفير وترويج الكراهية.
احتضرت ثقافة الحياة في عالمنا مع احتضار الحركة الشعرية وشيخوخة الشعراء. ما تبقّى من شعراء صار يكتب عن “القضية” في إعلان عن هزيمة اجتماعية كبرى مهّدت لحمامات الدم الحالية. ذوت زهرات نزار وصمت أنين السيّاب.
الحداثة في العالم شيء آخر يتربّع فيه الشعر في مكانة خاصة بين نبض حياتي أخلاقي وفكري واجتماعي وثقافي. حداثتنا قتلت الشعر وتريد أن تقتلنا معه.

رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=15227
عدد المشـاهدات 472   تاريخ الإضافـة 29/02/2016 - 18:52   آخـر تحديـث 18/09/2025 - 22:12   رقم المحتـوى 15227
محتـويات مشـابهة
مجلس الوزراء يقرر: تأجيل تسديد أقساط منظومات الري بالرش المجهزة للفلاحين والمزارعين لمدة سنة واحدة
وزير الصحة يترأس الاجتماع الثالث للجنة الوطنية للصحة الواحدة
«حديقة الشعب» في الموصل.. عودة الحياة إلى واحدة من أقدم معالـم المدينة الخضراء
بغداد ليست مدينة واحدة
السفير الإيراني يقدم شكره للمرجعية الدينية والشعب العراقي على مساندة الشعب الإيراني

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا