السوداني: الحكومة ماضية وفق خطة لحصر السلاح بيد الدولة قدراتنا الأمنية عالية ولا يوجد تهديد إرهابي AlmustakbalPaper.net المفوضية: البطاقة البايومترية محصنة إلكترونيا وتستخدم من قبل صاحبها حصرا AlmustakbalPaper.net القاضي زيدان يبحث مع رئيس وأعضاء جمعية القضاء عدداً من القضايا AlmustakbalPaper.net بارزاني والأعرجي يتفقان على أهمية حل القضايا الخلافية بين أربيل وبغداد وفق الدستور AlmustakbalPaper.net النزاهة تتفق مع الإنتربول على الوصول المباشر لمنظومة المطلوبين AlmustakbalPaper.net
قصيدة حقد واحدة
قصيدة حقد واحدة
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
هيثم الزبيدي 

وقف الأب، في مناسبة اجتماعية جرت مؤخرا، فألقى قصيدة عن الحب والغزل. تجاوب الأصدقاء من الحضور بشكل ملحوظ وعمّ التصفيق المكان.
وقف الابن، فأذّن في الناس أوّلا ثم ألقى خطبة دينية تصلح بالتأكيد لمنبر جامع ولكن ليس لعرس. كانت مشاعر الحضور مختلطة بين التجاوب مع ما هو محسوب على الدين وما ألفوه من احتفال وبهجة يصاحبان مثل هذه المناسبات.
المشهد المتناقض بين قصيدة الغزل الجميلة للأب وخطبة الابن ربما يلخّص الأزمة الكبيرة التي نعيشها اليوم. جيل من الآباء عاش عصرا جميلا كان للشعر فيه مكانته وروحه. وجيل من الأبناء صار لا ينظر إلى الحياة إلّا من خلال الموشور الديني المتزمت.
لعل ما يزيد تعقيد المشهد أنه حدث ويحدث في عاصمة غربية. المشهد أكثر سوداوية في الكثير من عواصمنا العربية.
هذه إشكالية كبيرة. كيف يمكن التوفيق بين جيلين يفترض نظريا أن الأول أقلّ تقدما ومعاصرة وينتمي إلى عصر المسلّمات المطلقة وما قبل تكنولوجيا المعلومات والإعلام الحر، والثاني أكثر حداثة افتراضا؟ جيل أول متسامح وأكثر انفتاحا ومرونة، وجيل لاحق منغلق وصارم ومنفصل عن الواقع؟ جيل الأحلام والرقيّ، وجيل الكوابيس؟
ما الذي يجعل الآباء أفضل من الأبناء؟
إنها ثقافة الحياة في مواجهة ثقافة الآخرة. الحياة حق والآخرة حق. ولكن لسبب ما قرر البعض تقديم حق الثانية على الأولى.
انسحبت ثقافة الحياة من حياتنا خلال العقود الثلاثة الأخيرة. في السابق كان كثيرون يذهبون إلى المكتبات أو معارض الكتب لشراء ديوان شعر، لبدر شاكر السياب مثلا. كان الشباب في ذلك الزمن يقرأون الشعر، شعرهم أو شعر الآخرين لبعضهم البعض.
شباب اليوم لا يشترون الكتب أصلا أو يقبلون بنهم على كتب الغيبيات والأدعية والإفتاء. حلّت حلقات الدروس الدينية بدلا من حلقات الشعر. حلّ الإفتاء في كل شيء بدلا من كتابة بيت شعر في كل شيء.
الشعر متنفس فكري. هو أقرب شيء للموسيقى التي لا تحتاج إلى لغة لكي تنتقل من دون تحفظ بين الثقافات. سيبقى فهمك محدودا عن ثقافة شعب طالما تعسّر عليك فهم قصائد شعرائه. القدرة الوصفية لشعراء البلد هي التجسيد لمدى رقيّ الشعب في عصر ما. إنه بارومتر صحّة المجتمعات.
حركة الشعر كانت حركة المجتمع. الانفتاح وتأسيس الطبقة الوسطى وازدهار الإنتاج الثقافي والتعليم كلها انعكست على لغة الشعر وذائقة الناس الشعرية. حتى القصائد “الوطنية” كانت تتغزل بالأوطان، بنهضتها وإخفاقاتها وهزائمها.
لغة الحياة هذه لم تكن لتروق لأصحاب المشاريع الدينية. أول من كُفّر كان الشعراء. زحف الخطاب ليستأصل الشعر من حياتنا ويستبدله بالوعظ والإفتاء، ثم بالترويع والقتل. الحداثة في العالم العربي صار لها مفهوم آخر يمسك بناصية التقنية الحديثة ويتحدث بلسان قرون سابقة. تويتر، الحاملة التكنولوجية التي تبدو وكأنها صنعت للشعر بقصر جملتها وتكثيفها، صارت منبرا لفتاوى الحلال والحرام وإلى التكفير وترويج الكراهية.
احتضرت ثقافة الحياة في عالمنا مع احتضار الحركة الشعرية وشيخوخة الشعراء. ما تبقّى من شعراء صار يكتب عن “القضية” في إعلان عن هزيمة اجتماعية كبرى مهّدت لحمامات الدم الحالية. ذوت زهرات نزار وصمت أنين السيّاب.
الحداثة في العالم شيء آخر يتربّع فيه الشعر في مكانة خاصة بين نبض حياتي أخلاقي وفكري واجتماعي وثقافي. حداثتنا قتلت الشعر وتريد أن تقتلنا معه.

رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=15227
عدد المشـاهدات 461   تاريخ الإضافـة 29/02/2016 - 18:52   آخـر تحديـث 13/06/2025 - 15:56   رقم المحتـوى 15227
محتـويات مشـابهة
السفير الإيراني يقدم شكره للمرجعية الدينية والشعب العراقي على مساندة الشعب الإيراني
بتغريدة واحدة.. ترامب «يتبرأ» من الهجوم الصهيوني ويهدد ايران ويعرض «الصلح»
وزارة الإتصـالات: بريـد الرسائـل العاديـة خدمـة قديمـة جديـدة يقدمهـا البريـد العراقـي
رئيس الوزراء يقدم التعازي إلى رئيس مجلس الوزراء الأسبق إياد علاوي بوفاة نجله
في اليوم العالمي لحرية الصحافة العراق يقدس الكلمة الحرة

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا