السوداني: خدمات متكاملة ستتوفر في المدن السكنية الجديدة AlmustakbalPaper.net رئاسة مجلس النواب تناقش خارطة القوانين في الفصل التشريعي الأخير AlmustakbalPaper.net مكافحة الإرهاب يوقع مذكرة تعاون مع الهجرة لدمج العائدين من مخيمات النزوح في سوريا AlmustakbalPaper.net هيئة الحشد الشعبي تباشر بعملية توزيع بطاقات المهندس على منتسبيها AlmustakbalPaper.net الـمنـدلاوي: البصـرة تستحـق اهتـمـامـاً استثنـائـيـاً AlmustakbalPaper.net
قصة قصيرة .. رحيل
قصة قصيرة .. رحيل
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
إسراء عبد الهادي الزيدي

تكتل السحاب في هذا اليوم وفنجان القهوة هذا الذي في يدها يرسلان لها أيد خفية تدعوها لنبش قبور الذكريات وتشريد الأحلام والآمال من خيمتها التي توفر لها أمانا مؤقتا.إن تكدس الذكريات في هذا الوحل يدعو لسفر عاجل لنبش تلك القبور أو على الأقل ينبئ ب “زخات” من الكلمات.تحدث أمل نفسها : ترى كم من فنجان قهوة قد يملأ هذا الفراغ الكوكاييني الذي يمنعني عن النوم؟ يا لشدة هذا الإسوداد الأنيق الذي يجذبني رغم المرارة! والفنجان الذي يفتتني بوشاحه الخاكي محيطا بتلك المرارة التي لا يزول طعمها المر بسهولة بل يبقى عالقا في مكان ما, يا لهذا الصراع!.
طرقات خفيفة على الباب, تنهض أمل لفتحه وإلتماع الشوق في عينيها فهي في تحرق وإنتظار ذابل لبريد ما, عله هو.حين فتحت أمل باب المنزل لم تجد أحدا,كل ما هنالك هو الضجيج المعتاد ,صخب أطفال ,ذلك العجوز المسكين الذي تعودت أن تجالسه لفترات متقطعة من أيامها المزدحمة, تهديه ما لها من عاطفة أبناء قد رحلت عنه منذ زمن بعيد وتركته لوحشة شوارع الذاكرة _بلا مأوى_ .
تمعنت في تجاعيد الحجي سعيد متساءلة : كيف لأصابعهم المتمردة أن تصفق للعب النرد في النوادي سعيا وراء المادة وتتخلى عن الحب الحقيقي؟!. يقاطع أمل نهيق ذلك الحمار الذي تعب من ضرب صاحبه المبرح له . ملامح (أبو صابر) الحزينة تعيدها للتفكير في ذلك الوحل الذي يتسع ولا يصغر _وحل النهاية_ , يؤلمها ذلك السوط الذي يقتل حياة البسطاء, ينهق الحمار من جديد بصوته المبحوح لتستيقظ أمل من تأملها، تعود مسرعة الى المنزل لترتدي ثيابها وتخرج لركوب الباص الذي أصبح جزءا من حياتها اليومية ,تركب ذلك الباص في كل يوم لترى ذلك الشاب الذي يذكرها بحبيب غائب ثم يعيدها الباص في نهاية المطاف الى نقطة الأصل لتكمل روتينها اليومي.... هي لا تعرف إسم الشاب ولم تكلمه يوما بل يعم الباص في كل يوم صمت ضاج وهو إنشغال كل راكب بأشيائه المتراكمة عليه. 
تتلفت الفتاة بلهفة بعينيها الطفلتين بحثا عن ذلك الحبيب الغريب , لكن لم تبصره عيناها للأسف، حاولت البحث كثيرا لكنها لم تجده, أسرع قلبها الى سائق الباص سائلا عنه واصفا إياه وصفا دقيقا لكن بدون ذكر إسم أو معلومة واقعية. ميزه السائق لحسن الحظ, كيف لا وقد تعود على أن يراه كل يوم راكبا باصه قبل الجميع مفتتحا له يوم العمل. قال السائق ببساطة: لقدرحل, ربما مات!
 تهالك قلب الفتاة لسماع هذا وجاهدت بكل قواها لإقناع السائق بإعطاءها أية معلومة متعلقة بذلك الحبيب الراحل,إسم أو عنوان, أو أن يخبرها على الأقل الى أي وجهة يقوده كل يوم,لكن ما من جواب وما من إهتمام حتى،عادت أمل خائرة القوى الى نقطة الأصل, الى فنجان القهوة المر, الأريكة المتهتكة المعتادة ورنين أجراس الذاكرة. يعود ليحتويها نفس الوشاح الخاكي ويزين لها عذوبة طعم قهوته المرة... تتأمل وجه الذاكرة قليلا ليقاطعها شيئ ما كالعادة, لكن هذه المرة بلغة أليفة الى فؤادها , لها موسيقة فريدة لها لحن واحد يعزفها صاحبها في كل مرة بطريقة أخرى مختلفة عن سابقتها، وما إن رأت هذه القطرات الحبيبة حتى أخذت نفسا عميقا فها هي فرصتها الوحيدة التي تتحرق لها بفارغ الصبر لتناشد كل ما يتداعى من حياة : إهطل يا مطر ورمم حفرهم المتقيحة! إغسل بنقائك تلك الوجوه الزائفة ورمم شيئا من خريف وغموض أو مآسي ليشرق قنديل الصباح بعدك , ويبعث الحياة من قبور الذاكرة معلنا صحورة الآمال والأحلام ويدفن الزيف في قبوره بدلا عنه.....خلدت أمل الى سريرها مع إنطفاء أضواء المدينة. 
خمس دقائق مرت على نوم المدينة,أصبح يتساقط المطر بحنق وسرعة مخيفة بعد “زخة الكلمات” تلك.صوت صراخ من غريب يبحث عن مأوى : (أنقذوني يا ناس,أتجمد من البرد ولم أعد أحس بأقدامي, فؤادي يتكسر وروحي الخضراء تتيبس,أحتاج لشيء من الدفيء, إنني أموت ,أنقذوا ما تبقى مني...) تراكضت أمل في أنحاء المنزل ودموعها الحارقة تلسع خديها , تحدث والدها: أنقذ يا أبي هذا الغريب المتداعي, هو يحتاج لمأوى ,أولست طبيبا؟! فيصرخ الوالد في وجهها: إياك وفتح ذلك الباب, قد يكون سارقا أو محتالا فما من أحد متحاج يأتي بهذا الإسلوب أو هذه الطريقة!... تناشد أمل أمها, أخاها, أختها, أجدادها ليرد الجميع بنفس الجواب: دعي أمره!. ولم تعد تستطيع التحمل فها هي ترى كل شيء ينهار , فما من وطن للألفة ولا مأوى لقلوب أو غطاء دافئ.... قررت أن تصرخ هذه المرة “بصوت” : يا ضمائر هل شعر كل منكم بالتخمة لأنه حصل على أطباق إحتياجاته؟ يا مغتصبي الإنسانية أنتم تعتدون على أرواحكم وتهتكون عرضها وتجردونها من ضمائرها الحية ..إهطل يا مطر بغزارة أكثر , إغسل زيف وعجز الإنسانية المتداعية عن إنقاذ نفسها.... بح صوتها ليصبح تماما كصوت ذلك الحمار الذي نهق حتى هلك صباح أمس.... 
 بدأت الشمس بالولوج بوقاحة, بلا تغريد عصافير , إستيقضت هي من غفوتها وركضت لفتح الباب لتجد ما تجد : مات الغريب ورحل معه كل شيء.

رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=15055
عدد المشـاهدات 696   تاريخ الإضافـة 27/02/2016 - 19:40   آخـر تحديـث 08/07/2025 - 20:13   رقم المحتـوى 15055
محتـويات مشـابهة
الأسدي: الحكومة وضعت تصاميم تفصيلية ووثائق مناقصة لطريق التنمية
من شارع المطار إلى طوفان الأقصى: صراع الأصلاء في زمن التحولات الكبرى القصة من البداية
الداخلية السعودية: ترحيل ومنع دخول المخالفين لأنظمة الحج 10 سنوات
الداخلية تحذر: ترحيل كل مقيم ينشر معلومات مسيئة لقيم مجتمعنا العراقي
الإصلاح الإداري كمدخل لإنقاذ الاقتصاد.. دروس من قصة يوسف عليه السلام

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا