السوداني: ملف حصر السلاح بيد الدولة هو موضوع عراقي خاص AlmustakbalPaper.net اجتماع طهران: تعاون عراقي إيراني باكستاني لتسهيل زيارة الأربعين وضبط حركة الوافدين AlmustakbalPaper.net رئيسا المحكمة الاتحادية ومجلس النواب يؤكدان على ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات AlmustakbalPaper.net تستمر لشهرين.. مجلس الخدمة الاتحادي يحدد موعد فتح منظومة الكودات AlmustakbalPaper.net الأمم المتحدة: ملتزمون بدعم العراق في المضي قدماً بأولوياته المتعلقة بالسكان AlmustakbalPaper.net
العولمة وضعت «الإقصاء» بدل «الدمج»
العولمة وضعت «الإقصاء» بدل «الدمج»
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
ساسكيا ساسِن 
تناولُ ظاهرة التفاوت بين أحوال الفئات الاجتماعية، وتعاظم الهوة بينها، مدخلٌ لا غنى عنه إلى فهم وقائع العالم المعاصر. فتعاظم قدراتنا على إنتاج الموارد لا يؤدي إلا إلى تفاقم الفقر. ويبلغ عدد الذين يعانون فقراً مدقعاً، ولا يملكون غير أجسادهم، بليونين. والطبقة المتوسطة تتعرض للإفقار، والفقراء تتهددهم الحاجة. ولا شك في أن الصين أنشأت طبقة متوسطة عريضة، وأن هوة قاطعة تفصل 20 في المئة من الطبقة الجديدة- يزداد ثراؤهم- عن كتلتهم الكبيرة الراكدة والمتواضعة. ولم يفطن الاقتصاديون الأميركيون إلى نقد التفاوت المطرد إلا في وقت متأخر. وكان لكتاب الباحث الاقتصادي الفرنسي، توما بيكتي («رأس المال في القرن الواحد والعشرين»، دار سوي، باريس، 2014)، صدى قوي وراء الأطلسي، وصدر في الوقت المؤاتي وغذى هذا النقد.
وفي كتابي الجديد، «(أحوال) الطرد»، كان سائقي أو دليلي هو تشخيص منطق اجتماعي واقتصادي أكثر خفاء من عوامل التفاوت. وذلك أن ما من نظام اقتصادي واجتماعي إلا ويفضي إلى تفاوت داخلي. وأنا أسأل: هل ثمة دينامية مشتركة تغذي عنف الرأسمالية العادي؟ فالتفاوت بلغ من الاتساع مبلغاً جعله صنو الطرد من العلاقات الاجتماعية، والإقصاء الحاد من أطرها. وعلى هذا، فنظامنا الاقتصادي لم يعد قادراً على الدمج، وتحول إلى الطرد والإقصاء. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، اضطلع الاقتصاد بدمج الشطر الأعظم من الناس، وأنشأ طبقة متوسطة متينة ومتماسكة. ويغذي منطق الخصخصة (التخصيص) و»تحرير» الأسواق وإلغاء الحدود الوطنية الذي تتعهده الشركات الكبيرة، دينامية الإقصاء والطرد هذه.
ومثال هذه الأحوال في الغرب هو العمال الذين يتقاضون أجوراً ضئيلة والبطالون يخسرون الضمان الاجتماعي وتعويض البطالة. فغداة أزمة 2008 (التأمينات الفائقة المخاطر) في الولايات المتحدة، طردت 14 مليون أسرة من منازلها، وحولت قروض الاستملاك إلى مشتقات مالية غير مضمونة. وطرد ملايين من المزارعين من أرضهم عندما استملك مستثمرون وحكومات أجنبية 200 مليون هكتار، منذ 2006. واليونان عرض صارخ على مفاعيل هذه الدينامية. فخطط التقشف التي تفرضها الهيئات الاقتصادية الدولية تطرد من غير مساومة ولا إرجاء الطبقات المتوسطة، والضعيفة والأقل ضعفاً، من مرافق عملها، ومن الخدمات الصحية والاجتماعية التي كانت تحظى بها، ويتطاول الطرد إلى المنازل التي تقيم بها. وألزم برنامج التقشف الذي فرضه الاتحاد الأوروبي الدول بيعَ شطر كبير من مبانيها الوطنية القيمة بأرخص الأسعار. وهذا ضرب من «التطهير الاقتصادي». والسرعة التي يخف بها المستثمرون الدوليون إلى الشراء لا تنم بمعنى آخر.
والمنطق الجامع الذي يربط بين إجراءات الطرد ويوحد عواملها لا يزال إلى اليوم مضمراً، ولا يرى بالعين المجردة. وأنا أسمي هذه العوامل «عقابيل مدمرة» (أي مجاميع مرضية مدمرة). فالأمر لا يقتصر على احتكار بعض كبار الأثرياء الثروة والسلطة. فثمة كيانات تجمع عناصر بشرية إلى عناصر غير بشرية، مثل برمجيات أسواق الرساميل. وهذه المجاميع هي كناية عن مركبات مؤلفة من وكلاء اقتصاديين أقوياء، ومن أسواق وتكنولوجيا وحكومات، وليست أفراداً ولا شركات فائقة الثراء وحكومات نافذة، على ما كانت عليه الحال. فهي تدمج معاً عناصر تصطفيها من هذه الدوائر أو العوالم. فلم يعد القضاء على الأثرياء يفي بمكافحة التفاوت وأشكاله! فاقتصاداتنا السياسية المتقدمة أنشأت عالماً ينزع تعقيده إلى النفخ في فظاظة بدائية. وخير مثل على هذا الزعم هو قروض الرهون العالية المخاطر التي ولدت من تعاظم تعقيد الأدوات المالية، وتولى إخراجها باحثون ماليون لامعون. وأدت، في آخر مطافها، إلى طرد ملايين البشر من منازلهم... فالتعقيد والتقدم التقنيان، يخدمان مصالح وقضايا بالغة الفظاظة. وأما الثروات والأرباح الضخمة التي تتمتع بها الشركات الكبيرة فهي بمنأى من متناول الحكومات الرازحة تحت ثقل الديون والمغلولة اليدين حيال التهرب الضريبي ونزيفه.
واللاجئون والمسجونون جزء من المطرودين. والأمم المتحدة تحصي 60 مليوناً من اللاجئين أو المهجرين. فهل تختلف حالهم عن حال من يصيبهم الطرد أو الإقصاء؟ وتلاحظ أوجه شبه بينهم وبين المسجونين في الولايات المتحدة. فأميركي واحد من 100 يقبع اليوم خلف القضبان، ويبلغ عددهم الإجمالي 7 ملايين شخص، إذا أحصي إليهم من حريتهم مشروطة. وهؤلاء منفيون من العالم. وغالباً ما ينشئ الإقصاء ديرات جديدة، غير مادية، تشبه الأرض الموات. فأشد الناس فقراً يرمى بهم في دنيا أخرى. وتحجبهم أحوالهم السائرة والمعتادة عن النظر. وتعم هذه السيرورات أنحاء العالم كلها، من بلدان الجنوب إلى الولايات المتحدة وأوروبا. وتُشبِّه الحواضر ومبانيها البحبوحة. ولكن المباني الفخمة لا تروي قصص من استبعدوا وطردوا. وإذا جمعت أحوال الطرد المتفرقة فاق أثرها في رسم قسمات عالمنا أثر النمو الاقتصادي السريع في الهند أو الصين. وقد لا تكون قوى التدمير كلها متصلة أو متشابكة. والأقرب إلى الوقائع أنها تخترق مفاهيمنا، وتتخطى علامات استدلالنا الأليفة والتاريخية.
ولا يقتصر التدمير على الاقتصاد. ومنذ 50 عاماً واقتصادنا ينتهج نهجاً مدمراً مفرطاً يؤدي إلى التلويث البيئي، وإلى خنق المحـيطات والأسماك بالبلاستيك، واستنفاد المناجم والمياه الجوفية. وبدهي أن مسؤولية بعض الأطراف عن التلويث والاستنفاد راجحة، ولكن المسؤولة عامة ومشتركة. فهذا من صنع أيدينا». وسيرورات الطرد واللفظ لم تقف عند عتبة دائرة الحياة ومجالها. فبين سنة 1989 و2009 خسر بحر أرال (الروسي) معظـم مساحته ولم يبــق منه شيء بحري يذكر. فهو اليوم أرض موات مترامية، أو تحف بها انبعاثات المصانع والمناجم السامة، ولا تصلح للاستثمار أو للتذكر. فكيف نستعيد إلى الاستعمال والاستثمار هذه الأرض الموات؟ وكيف يسعنا دمجها في سياق تصوراتنا وخططنا؟ فما ينبغي ألا نغفل عنه هو أن الأراضي والبحار والقفار المتروكة جزء من واقعنا ومن مواردنا المنسية.
وأنا أدعو إلى مناهضة الشركات الكبيرة التي تعمل في «مناطق حرة» لأن ما كانت المناجم تتولى استخراجه طوال أعوام غير قليلة في مستطاع القوة المالية المركزة استنفاده في سنتين. فهي تتقمص دور صناعة منجمية. وسلسلة «ستارباكس» صناعة من هذا القبيل. وحين تستحوذ على شطر من استهلاك ناحية تجفف السلسلة سوق القهوة التقليدي. وهو سوق حري به أن يبقى محلياً، وأن يتولى التوزيع على الحي السكني ودائرته. ولا بأس، في ضوء هذه الحال، بمقاطعة شركات «المناطق الحرة»، وحملها على تنهيج أنشطتها (نقلها إلى إطار محلي) وبث الحياة في الاقتصاد. ولا يقتضي الأمر القيام بثورة، فهو يقتصر على إجراءات عملية تؤدي إلى تسييس الحياة اليومية.
ويتمتع الفنيون الذين يؤطرون أنشطة الشركات بمؤهلات تتيح لهم السيطرة على التكنولوجيات الجديدة، وفي مستطاعهم استعمالها وتثميرها بيسر. والخدمات والتطبيقات، مثل العثور على راعية أطفال أو على استشارة قانونية، هم المستفيدون منها. ولكن ما حال أصحاب الأجور القليلة؟ وما هي التطبيقات التي من شأنها تلبية حاجاتهم العملية أو استجابة ضرورات حياتهم الخاصة والأسرية؟ وهؤلاء قد تخدمهم رقمنة الاقتصاد إذا ابتكرت أدوات خصصت لهم. ولا يعصى التصور ابتكار تطبيق يصل مستخدمين أجورهم متدنية بمحيطهم الاجتماعي القريب. فإذا اعترضتهم صعوبة في مرفق عملهم – مثل مرض ولد أو خلاف مع صاحب عمل- وسعهم الاحتكام من طريق التطبيق، وهو أقل ظهوراً و»استفزازاً من الهاتف، إلى جار أو صديق أو تاجر حي، والاستعانة بالجوار الاجتماعي. فيداري الأجراء القليلو الحيلة ضعف حيلتهم وعزلتهم الاجتماعية. وهذا الحل عملي وليس سياسياً، وهو علاج متواضع للأزمة الاجتماعية الاقتصادية. وقد يفضي إنشاء شبكة تعاون غير مقننة بين العمال الفقراء إلى الانخراط في عمل سياسي في يوم غير بعيد.

رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=14643
عدد المشـاهدات 710   تاريخ الإضافـة 17/02/2016 - 20:47   آخـر تحديـث 12/05/2025 - 01:55   رقم المحتـوى 14643
محتـويات مشـابهة
الأسدي: الحكومة وضعت تصاميم تفصيلية ووثائق مناقصة لطريق التنمية
السوداني: البدء بالخطوات العملية لتنفيذ المشروع الخاص بتحلية مياه البحر بالبصرة
خلال 24 ساعة.. مدير المرور: سجلنا 10 آلاف مخالفة منذ بدء العمل بالرادارات الذكية في بغداد
بزشكيان: مستعدون لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار في الخليج
بزشكيان: مستعدون لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار في الخليج

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا