عادل حمود منذ هزيمة نظام البعث واعدام قائده، برزت قوى سياسية وشخصيات حزبية ودينية واعلامية لا تتوقف عن اغتنام أية فرصة تقدمها لها الظروف، للطعن بالحكومة ومسيرتها وعملها بغض النظر عن ما تمكنت هذه الحكومة من انجازه او ما تعمل بجهد لانجازه. وهذه القوى الطاعنة بالحكومة تتوزع الى معسكرين، الاول يحاول شد العراق الى الخلف وارجاعه الى مربع الحكم الشمولي الدكتاتوري الذي يدخن السيكار الكوبي ويطلق اعيرة نارية من بندقيته بينما يرقص دبكته احتفالا بوحشيته، والثاني يكافح لسحب العراق الى امام ليكون مفخرة للامم والشعوب وينافسها في محافل التقدم الاجتماعي والعلمي والاقتصادي. ولقد خلطت ضبابية الموقف العراقي بين هذين المعسكرين فاندس بعض ناشطي هذا المعسكر او ذاك، في المعسكر المقابل بغية الوصول الى المكاسب الشخصية او الفئوية او الحزبية مما جعل اهدافهما متشابكة ومتداخلة يستفيد بعضها من بعض، وهذا الامر قاد الى توحد الاساليب والمناهج التي يعملان بها، واول واهم الاساليب والمناهج هو التهجم المحموم غير المتوقف او المنقطع على الحكومة لخلق مناخ اجتماعي طارد او رافض لفكرة انبثاق الحكومة من الشعب او عملها من اجله، وتكوين بيئة كارهة للاجهزة الحكومية سواء كانت تنفيذية او تشريعية او قضائية. وربما حقق الرجعيون والتقدميون المتحالفون معهم، بعض النجاح في خطتهم الجهنمية هذه عبر الدعم الهادر من فضائيات وصحف ورجال اعمال وقادة دينيين وزعماء عشائرين متنفذين، فضلا عن الحكومات المتخمة بأموال النفط وتلك التي تمتلك الاجندات المهمة في المنطقة، فأصبح الجمع الاعظم من العراقيين يلقون باللوم في كل كبيرة وصغيرة على الجالسين تحت قبة البرلمان وعلى المجتمعين تحت سقف مجلس الوزراء. وصار هذا الجمع يفسر الامور وفقا لتفسيرات المعسكرين المذكورين ويتبع خطواتهم في تحليل الاوضاع والتصرفات والتصريحات، بل ويقتبس مقولات ومصطلحات المتكفلين بمهمة الهجوم ضد الدولة العراقية. وأحد الامور التي استغلها مهاجمو الحكومة، هو موقف المرجعية من الاوضاع العامة في البلد ومن اداء هذه الجهة او تلك، فذلك الموقف الذي يعرض اسبوعيا عبر الخطبة المرافقة لصلاة الجمعة، يرى هؤلاء بأنه مثلبة تستحق التركيز عليها باعتبارها تدخلا في عمل الحكومة وتوجيها لها من قبل جهة دينية مما يؤشر تشابك الدين بالسياسة في دولة عراقية يفترض انها دولة مدنية، وكان فعلا يعطي ثقلا لمرجعية دينية معينة في الشأن العام العراقي بعيدا عن دور المرجعيات الاخرى. ونسي هؤلاء او تناسوا ان الموقف الاسبوعي للمرجعية، جاء بعد مطالبات من نفس الاطراف للتغيير والاصلاح، وبعد دعوات منهم لتدخلها في التوجيه، وبعد تلميحات اشاروا فيها الى انها قد سكتت عن استشراء الفساد وانتشار التقاعس في اداء الواجبات. واليوم، ركبوا الموجة من جديد واخذوا يصورون قرار المرجعية بعدم التطرق الى الامور السياسية إلا عند الحاجة والتوقف عن إبداء الرأي في كل اسبوع، بأنه تخلي عن الحكومة وعلامة يأس من القدرة على اصلاحها وأمر تريد منه المرجعية القول بأن الحكومة لم تلتزم بما تقدمه لها من مشورة، ولم يخطر ببالهم، او انهم لم يرغبوا ان يخطر ببالهم، انه ربما يمثل علامة رضا وقبول عن اداء الحكومة والمسار الذي تسير فيه والخطوات التي قامت بها من اجل الاصلاح، واشارة الى انتفاء الحاجة الى تقديم النصيحة الى حكومة تعرف ما تقوم بها وتنفذ عملها بحرفية كبيرة بعد ان تصدت للوضع الامني والاقتصادي الذي كان متخبطا وحققت النجاحات العسكرية والامنية في صلاح الدين والانبار واتخذت الخطوات اللازمة للخروج من الازمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض اسعار النفط.
|