بغداد / المستقبل العراقي
لم يكتف تنظيم «داعش» الذي يسيطر على أجزاء واسعة من العراق بتجنيد الأطفال وضمهم الى صفوف عناصره، بل عمد الى تجنيد العشرات منهم بصفة «انتحاريين»، لتنفيذ الهجمات الانتحارية ضد القوات الحكومية العراقية والقوات التي تساندها وضد المدنيين. وقد قال المرصد العراقي لحقوق الانسان أن الفترة الممتدة من كانون الاول / ديسمبر 2014، ونهاية حزيران / يونيو 2015، شهدت تنفيذ 40 طفلاً من ما يُعرف بـ»جند الخلافة»، قد قاموا بعمليات انتحارية في مناطق غربي وشمالي البلاد، اثناء المعارك التي تشهدها تلك المدن. في المناطق التي شهدت اشباكات عنيفة بين القوات الحكومية العراقية وتنظيم «داعش» في محافظة صلاح الدين، نفذت عمليات عديدة من قبل اطفال انتحاريين، كان التنظيم قد علمهم قبل ذلك قيادة السيارات المفخخة والتوجه بها نحو سواتر القوات الامنية العراقية. أغلب العمليات الانتحارية التي نفذها الاطفال، كانت بسيارات مفخخة، واخرى كانت عبر نصب كمائن للقوات الامنية العراقية، خاصة في المناطق التي تقع بين قضاء بيجي ومدينة تكريت في محافظة صلاح الدين، حيث جيء بالاطفال من مناطق الانبار ونينوى. وأبلغ سكان محليون في مدينة الموصل، شمالي العراق، والتي تخضع عام لسيطرة تنظيم «داعش»، بأن «هناك معسكرات تدريبية اسست قبل اشهر في المدينة خاصة بتدريب الاطفال على السلاح، ومن يرونه متحمساً للقتال يحول الى انتحاري بعدما يُغسل دماغه بالاحاديث العقائدية الحماسية». وبحسب المعلومات المتوفرة لدى المرصد العراقي لحقوق الانسان، فإن «الاطفال الذين نفذوا عمليات انتحارية في العراق خلال فترة ستة اشهر، تتراوح اعمارهم بين الثانية عشر والسابعة عشر من العمر، وهذه هي الاعمار التي تصنفها القوانين الدولية بأنها اعمار الاطفال». ورغم ان اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 توفران حماية خاصة لصالح الأطفال خلال النزاعات المسلحة، الان ان الاطفال العراقيين اصبحوا ضحية اساسية في مناطق النزاع، وبدأت الجماعات المتطرفة بإستخدامهم كانتحاريين ودروع بشرية اثناء المعارك التي تخوضها ضد القوات الحكومية العراقية. وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، إن تنظيم «داعش» في العراق يعمل على تجنيد الأطفال واستخدامهم في العمليات الانتحارية وتنفيذ الإعدامات، وهذا ما يشكل خطراً كبيراً على حياة الاطفال، خاصة اؤلئك الذين يرزحون تحت وطأة التنظيم المتطرف. ويُعرف الطفل في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، في المادة الأولى، هو «كل شخص دون الثامنة عشرة ما لم يكن القانون الوطني يحدد سناً آخر لبلوغ مرحلة الرشد ولكل دولة أن تحدد سن الرشد لديها، ولكن لا يجب أن يحيد كثيراً عن المعايير الدولية». ويهدف القانون الدولي الإنساني إلى حماية ضحايا النزاعات المسلحة دولية كانت أم غير دولية، وقد أفرد حماية خاصة لفئات تعتبر ألأضعف زمن النزاعات المسلحة كالنساء والأطفال والشيوخ، وتعتبر هذه الفئة أكثر الفئات هشاشة أثناء اشتداد العمليات وأثناء الاحتلال، نظراً لكونها لا تملك القدرة الجسمانية والنفسية الكافية لمواجهة الظروف المصاحبة عادة للحروب، بما فيها المجاعة والأوبئة والاعتقال والرحيل القسري. وتقول القوانين الدولية، إن «الأطفال يجب ان يكونوا موضع احترام خاص وأن تكفل لهم الحماية ضد أي صورة من صور خدش الحياء، ويجب أن تهيأ أطراف النزاع الحماية والعون للذين يحتاجون إليها، سواء بسبب سنهم أم لأي سبب أخر». |